تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وستظل المملكة العربية السعودية - بحول الله وقوته، ثم بعزيمة رجالها وصدق ولاتها ونصح علمائها وإخلاص أهلها - عزيزةً بعز الإسلام .. منيعةً محفوظةً مصونةً بحفظ الدين .. خادمةً للحرمين الشريفين وراعيةً للمسجدين العظيمين .. بلد إسلامٍ وسلامٍ وخيرٍ ووفاءٍ وعطاءٍ وعدلٍ ورحمةٍ ونماء .. وإن رغمت أنوفٌ من أناس فقل: يارب لا ترغم سواها ..

الله أكبر الله أكبر .. لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون:

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلٌ عظيمٌ من أصول الشريعة وركنٌ مشيدٌ من أركانها المنيعة، رفع لوائه وإعلاء بنائه وإعزاز أهله واجبٌ معظّمٌ وفرضٌ محتم .. قال تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41].

وإن ظهور المعاصي والمنكرات وفشوها هو الداء العضال والوباء القتال وسبب حلول العقوبات والنقمات .. يقول رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة" أخرجه أحمد ..

وقال - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "لا يحقر أحدكم نفسه، قالوا: يارسول الله .. كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمراً لله فيه عليه مقال ثم لا يقول فيه، فيقول الله - عز وجل - له يوم القيامة: ما منعك أن تقول فيّ كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس، فيقول الله: فإياي كنت أحق أن تخشى" أخرجه ابن ماجه ..

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: (أما بعد .. فإنه لم يظهر المنكر في قومٍ قط ثم لم ينههم أهل الصلاح بينهم إلا أصابهم الله بعذابٍ من عنده أو بأيدي من يشاء من عباده، ولا يزال الناس معصومين من النقمات والعقوبات ما قمع أهل الباطل واستخفي فيهم بالمحارم) ..

وقال الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى -: (قيل: كل بلدةٍ يكون فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء: إمامٌ عادلٌ لا يظلم، وعالم ٌعلى سبيل الهدى، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحرضون على طلب العلم والقرآن ونساؤهم مستورات لا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى) ..

فلا ينجوا من البلاء إلا الناجون المصلحون، وخسر هنالك الخرص المداهنون الساكتون الملاينون ..

الله أكبر الله أكبر .. لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون:

حذروا المعاقب التي توجب في الشقاء الخلود وتستدعي شوي الوجوه ونضج الجلود، واعلموا أن الدنيا سم الأفاعي وأهلها ما بين منعيٍّ وناعِ، دجنة ينسخها الصباح وصفقة يتعاقبها الخسار أو الرباح، ما هي إلا بقاء سفر في قفر وإعراس في ليلة نفر كأنكم بها مطرحة تعبر فيها المواشي وتنبوا العيون عن خبرها المتلاشي .. فلا تغتروا فيها بقوةٍ أو فتوة، فما الصحة إلا مركب الألم وما الفتوة إلا مركب الهرم، وما بعد المقيل إلا الرحيل إلى منزلٍ كريم أو منزلٍ وبيل .. فأدلفوا إلى باب التوبة والإنابة، واقطعوا حبائل التسويف، وامحوا سوابق العصيان بلواحق الإحسان، وحافظوا على الصلوات الخمس المفروضة حيث ينادى بهن، ولا تتخلفوا عن الجماعة إلا عن عذر؛ فإن من الخيبة والشقاء أن يسمع الرجل النداء فيتخلف في بيته ولا يجيب ..

يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن؛ فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى .. وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف) أخرجه مسلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير