تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[07 Feb 2010, 09:11 م]ـ

18 ـ تأمل حكمته سبحانه في الإفساد على قاطع الطريق يده ورجله اللتين هما آلة قطعه، ولم يفسد على القاذف لسانه الذي جنى به، إذ مفسدة قطعه تزيد على مفسدة الجناية ولا تبلغها، فاكتفي من ذلك بإيلام جميع بدنه بالجلد.

فإن قيل: فهلا أفسد على الزاني فرجه الذي باشر به المعصية؟ قيل: لوجوه:

أحدها: أن مفسدة ذلك تزيد على مفسدة الجناية، إذ فيه قطع النسل وتعريضه للهلاك.

الثاني: أن الفرج عضو مستور لا يحصل بقطعه مقصود الحد من الردع والزجر لأمثاله من الجناة، بخلاف قطع اليد.

الثالث: أنه إذا قطع يده أبقى له يداً أخرى تعوض عنها، بخلاف الفرج.

الرابع: أن لذة الزنى عمت جميع البدن، فكان الأحسن أن تعم العقوبة جميع البدن، وذلك أولى من تخصيصها ببضعة منه.

فعقوبات الشارع جاءت على أتم الوجوه، وأوفقها للعقل، وأقومها بالمصلحة. ص259 ـ 260.

19 ـ وإذا كان العبد، وهو في الصلاة، ليس له إلا ما عقل منها، فليس له من عمره إلا ما كان فيه بالله وله. ص 359.

20 ـ عمر بن الخطاب كانت تتزاحم عليه الخواطر في مراضي الرب تعالى، فربما استعملها في صلاته، فكان يجهز جيشه وهو في صلاته، فيكون قد جمع بين الجهاد والصلاة.

وهذا من باب تداخل العبادات في العبادة الواحدة. وهو باب عزيز شريف لا يعرفه إلا صادق الطلب، متضلع من العلم، عالي الهمة، بحيث يدخل في عبادة يظفر فيها بعبادات شتى، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ص363.

21 ـ ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله، لا يلقى لها بالاً، يزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب! وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول!

وعند الترمذي من حديث بلال بن الحارث المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه)

فكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث. ص366 ـ 369

بقية الفوائد تأتي تباعاً بإذن الله.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[14 Feb 2010, 04:45 م]ـ

22 ـ في الصحيحين في خطبته صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف أنه قال: (يا أمة محمد والله إنه لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته. يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً و لبكيتم كثيراً). ثم رفع يديه، وقال: (اللهم هل بلغت).

وفي ذكر هذه الكبيرة بخصوصها عقيب صلاة الكسوف سر بديع لمن تأمله. وظهور الزنى من أمارات خراب العالم، وهو من أشراط الساعة، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك أنه قال: لأحدثنكم حديثاً لا يحدثكموه أحد بعدي سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم. سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر ويظهر الزنى، ويقل الرجال وتكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد). وقد جرت سنة الله سبحانه في خلقه أنه عند ظهور الزنى يغضب الله سبحانه، ويشتد غضبه، فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبة. ص379 ـ 380.

23 ـ غض البصر يكسب القلب نوراً، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة. ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر فقال: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) ثم قال إثر ذلك (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح) أي: مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه. ص416.

24 ـ وأما ما يظنه بعض الغالطين أن المحبة أكمل من الخلة، وأن إبراهيم خليل الله، ومحمد حبيب الله، فمن جهله.فإن المحبة عامة، والخلة خاصة، والخلة نهاية المحبة. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله اتخذه خليلاً، ونفى أن يكون له خليل غير ربه، مع إخباره بمحبته لعائشة ولأبيها ولعمر بن الخطاب وغيرهم. وأيضاً فإن الله سبحانه يحب التوابين، ويحب المتطهرين ويحب الصابرين، ويحب المحسنين، ويحب المتقين ويحب المقسطين. وخلته خاصة بالخليلين. ص446.

25 ـ محبة كلام الله من علامة محبة الله، وإذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله، فانظر إلى محبة القرآن من قلبك، والتذاذك بسماعه أعظم من التذاذ أصحاب الملاهي والغناء المطرب بسماعهم؛ فإنه من المعلوم أن من أحب محبوباً كان كلامه وحديثه أحب شيء إليه. وكيف يشبع المحب من كلام محبوبه، وهو غاية مطلوبه. ص549 ـ 550.

هذا ما تهيأ إعداده وتيسر إيراده من فوائد من هذا الكتاب المبارك وأغفلت ضعفها لطولها، وكذلك أني أظن أن فيما تقدم كافي للدلالة على رفعة هذا الكتاب ومكانته، وسيعقب هذا الكتاب كتاب آخر من كتب الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير