تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[21 Apr 2010, 01:52 م]ـ

21 ـ الاجتماع بالإخوان قسمان:

أحدهما: اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت؛ فهذا مضرته أرجح من منفعته، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ويضيّع الوقت. الثاني: الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر؛ فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها، ولكن فيه ثلاث آفات: إحداها: تزيّن بعضهم لبعض. الثانية: الكلام والخلطة أكثر من الحاجة. الثالثة: أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود. وبالجملة فالاجتماع والخلطة لقاح: إما للنفس الأمّارة، وإما للقلب والنفس المطمئنة، والنتيجة مستفادة من اللقاح؛ فمن طاب لقاحه طابت ثمرته. وهكذا الأرواح الطيبة لقاحها من الملك، الخبيثة لقاحها من الشيطان، وقد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين والطيبين للطيبات، وعكس ذلك. ص71.

22 ـ طالب الله والدار الآخرة لا يستقيم له سيره وطلبه إلا بحبسين: حبس قلبه في طلبه ومطلوبه، و حبسه عن الالتفات إلى غيره. وحبس لسانه عما لايفيد، وحبسه على ذكر الله وما يزيد في إيمانه ومعرفته. وحبس جوارحه عن المعاصي والشهوات، وحبسها على الواجبات والمندوبات. فلا يفارق الحبس حتى يلقى ربه، فيخلص من السجن إلى أوسع فضاء وأطيبه. ومتى لم يصبر على هذين الحبسين وفرّ منهما إلى فضاء الشهوات؛ أعقبه ذلك الحبس الفظيع عند خروجه من الدنيا. فكل خارج من الدنيا: إما متخلص من الحبس، وإما ذاهب إلى الحبس. ص74.

23 ـ تزينت الدنيا لعليّ فقال: أنت طالق لا رجعة لي فيك! وكانت تكفيه واحدة للسنة، لكنه جمع الثلاث؛ لئلا يتصور للهوى جواز المراجعة، ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل؛ كيف وهو أحد رواة حديث: (لعن الله المحلّل)؟!. ص76.

24 ـ فرّغ خاطرك للهم بما أمرت به، ولا تشغله بما ضُمن لك؛ فإن الرزق والأجل قرينان مضمونان؛ فما دام الأجل باقياً كان الرزق آتيا ً، وإذا سدّ عليك بحكمته طريقاً من طرقه؛ فتح لك برحمته طريقاً أنفع لك منه. فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه ـ وهو الدم ـ من طريق واحدة وهو السُرة. فلما خرج من بطن الأم، وانقطعت تلك الطريق؛ فتح له طريقين اثنين وأجرى له فيهما رزقاً أطيب وألذ من الأول؛ لبناً خالصاً سائغاً. فإذا تمت مدة الرضاع، وانقطعت الطريقان بالفطام؛ فتح له طرقاً أربعة أكمل منها: طعامان وشرابان؛ فالطعامان من الحيوان والنبات، والشرابان من المياه والألبان وما يضاف إليهما من المنافع والملاذ. فإذا مات انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة، لكنه سبحانه فتح له ـ إن كان سعيداً ـ طرقاً ثمانية، و هي أبواب الجنة الثمانية؛ يدخل من أيّها شاء. فهكذا الرب سبحانه؛ لا يمنع عبده المؤمن شيئا ًمن الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له، وليس ذلك لغير المؤمن، فإنه سبحانه يمنعه الحظ الأدنى الخسيس ولا يرضى له به؛ ليعطيه الحظ الأعلى النفيس. ص79.

25 ـ من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته، ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعاً، ومن أساء في آخر عمره لقي ربه بذلك الوجه. لو قدّمت لقمة وجدتها، ولكن يؤذيك الشره. كم جاء الثواب يسعى إليك، فوقف بالباب، فردّه بواب (سوف، ولعل، وعسى). ص88.

26 ـ شراب الهوى حلو ولكنّه يورث الشرق. لله ملك السماوات والأرض؛ واستقرض منك حبة، فبخلت بها! وخلق سبعة أبحر، وأحب منك دمعة، فقحطت عينك بها!. إطلاق البصر ينقش في القلب صورة المنظور، والقلب كعبة، والمعبود لا يرضى بمزاحمة الأصنام. لذات الدنيا كسوداء وقد غلبت عليك، والحور العين يعجبن من سوء اختيارك عليهنّ؛ غير أن زوبعة الهوى إذا ثارت سفت في عين البصيرة فخفيت الجادة. ص95.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير