27 ـ سبحان الله! تزينت الجنة للخُطّاب فجدوا في تحصيل المهر، وتعرّف رب العزة إلى المحبين بأسمائه وصفاته فعملوا على اللقاء، وأنت مشغول بالجيف. الحب غدير في صحراء، ليست عليه جادّة فلهذا قلّ وارده. تالله ما عدا عليك العدو إلاّ بعد أن تولى عنك الولي؛ فلا تظن أن الشيطان غلب، ولكن الحافظ أعرض. سبحان الله! ظاهرك متجمل بلباس التقوى، وباطنك باطية لخمر الهوى، فكلما طيبت الثوب فاحت رائحة المسكر من تحته، فتباعد منك الصادقون، وانحاز إليك الفاسقون. ليس العجب من فقير مسكين يحب محسناً إليه، إنما العجب من محسن يحب فقيراً مسكيناً. ص96 ـ 98.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[08 May 2010, 03:07 م]ـ
28 ـ لو عرفت قدر نفسك عندنا ما أهنتها بالمعاصي، إنما أبعدنا إبليس إذ لم يسجد لك وأنت في صلب أبيك؛ فوا عجباً! كيف صالحته وتركتنا؟!. لو صحت محبتك لاستوحشت ممن لا يذكّرك بالحبيب. فرّغ القوم قلوبهم من الشواغل، فضُربت فيها سرادقات المحبة، فأقاموا العيون تحرس تارة وترش أخرى. ص110 ـ 111.
29 ـ لو تخيّلت قرب الأحباب لأقمت المأتم على بعدك. لو استنشقت ريح الأسحار لأفاق منك قلبك المخمور، من استطال الطريق ضعف مشيه. يا أقدام الصبر! احملي! بقي القليل. ص112 ـ 113.
30 ـ علّمت كلبك فهو يترك شهوته في تناول ما صاده؛ احتراماً لنعمتك وخوفاً من سطوتك، وكم علمك معلّم الشرع وأنت لا تقبل. حُرم صيد الجاهل و الممسك لنفسه؛ فما ظن الجاهل الذي أعماله لهوى لنفسه. جمع فيك عقل الملك، وشهوة البهيمة، وهوى الشيطان، وأنت للغالب عليك من الثلاثة: إن غلبتَ شهوتَك وهواك زدت على مرتبة ملك، وإن غلبك هواك و شهوتك نقصت عن مرتبة كلب.ص113 ـ 114.
31 ـ الشوق إلى الله ولقائه نسيم يهب على القلب يُروحُ عنه وهج الدنيا. وإذا أحب الله عبداً اصطنعه لنفسه، واجتباه لمحبته، واستخلصه لعبادته، فشغل همّه به، ولسانه بذكره، وجوارحه بخدمته. إنما يقطع السفر ويصل المسافر بلزوم الجادة وسير الليل؛ فإذا حاد المسافر عن الطريق، ونام الليل كلّه؛ فمتى يصل إلى مقصده؟! ص143 ـ 145.
32 ـ كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها؛ فلا بد أن يقول على الله غير الحق؛ في فتواه وحكمه، في خبره وإلزامه؛ لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس، ولاسيّما أهل الرئاسة والذين يتبعون الشهوات؛ فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيراً؛ فإذا كان العالم والحاكم محباً للرئاسة، متبعاً للشهوات لم يتم له ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق، ولا سيما إذا قامت له شبهة، فتتفق الشبهة و الشهوة، ويثور الهوى، فيخفى الصواب، وينطمس وجه الحق! وإن كان الحق ظاهراً لا خفاء به ولا شبهة فيه، أقدم على مخالفته، وقال: لي مخرج بالتوبة.
وأما الذين يتقون فيعلمون أن الدار الآخرة خير من الدنيا، فلا يحملهم حب الرئاسة والشهوة على أن يؤثروا الدنيا على الآخرة. وطريق ذلك أن يتمسكوا بالكتاب والسنة، ويستعينوا بالصبر والصلاة، ويتفكروا في الدنيا وزوالها وخستها، والآخرة وإقبالها ودوامها. ص 145 ـ 146.
33 ـ إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله، فأما من تركها صادقاً مخلصاً من قلبه لله؛ فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة؛ ليمتحن أصادق هو في تركها أم كاذب؟ فإن صبر على تلك المشقة قليلاً استحالت لذة. قال ابن سيرين: سمعت شريحاً يحلف بالله ما ترك عبد لله شيئا ًفوجد فقده. ص156.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[13 May 2010, 06:13 م]ـ
34 ـ ما ابتلى الله سبحانه عبده المؤمن بمحبة الشهوات والمعاصي وميل نفسه إليها؛ إلا ليسوقه بها إلى محبة ما هو أفضل منها وخير له وأنفع وأدوم، وليجاهد نفسه على تركها له سبحانه، فتورثه تلك المجاهدة الوصول إلى المحبوب الأعلى؛ فكلما نازعته نفسه إلى تلك الشهوات واشتدت إرادته لها وشوقه إليها؛ صرف ذلك الشوق والإرادة والمحبة إلى النوع العالي الدائم، فكان طلبه له أشد، وحرصه عليه أتم؛ بخلاف النفس الباردة الخالية من ذلك؛ فإنها وإن كانت طالبة للأعلى، لكن بين الطلبين فرق عظيم! ألا ترى أن من مشى إلى محبوبه على الجمر والشوك أعظم ممن مشى إليه راكبا
¥