ًعلى النجائب؟ فليس من آثر محبوبه مع منازعة نفسه كمن آثره مع عدم منازعتها إلى غيره؛ فهو سبحانه يبتلي عبده بالشهوات؛ إما حجاباً له عنه، أو حاجباً له يوصله إلى رضاه وقربه وكرامته. ص160 ـ 161.
35 ـ العجب ممن تعرض له حاجة، فيصرف رغبته وهمته فيها إلى الله ليقضيها له، ولا يتصدى للسؤال لحياة قلبه من موت الجهل والإعراض، وشفائه من داء الشهوات والشبهات! ولكن إذا مات القلب لم يشعر بمعصيته! ص163.
36 ـ لا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله ولو كنت وحدك؛ فإن الله معك، وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك، وإنما امتحن يقينك وصبرك. وأعظم الأعوان لك على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع؛ فمتى تجردت منهما هان عليك التحيز إلى الله ورسوله، وكنت دائماً في الجانب الذي فيه الله ورسوله، ومتى قام بك الطمع والفزع فلا تطمع في هذا الأمر، ولا تحدث نفسك به. فإن قلت: فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع ومن الفزغ؟ قلت: بالتوحيد والتوكل، والثقة بالله، وعلمك بأنه لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، وأن الأمر كله لله ليس لأحد مع الله شيء. ص168.
37 ـ إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العز والرفعة؛ فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه؛ تنال بذلك غاية العز والرفعة. ص170.
38 ـ من علامات السعادة والفلاح: أن العبد كلما زيد في علمه زيد في تواضعه ورحمته، وكلما زيد في عمله زيد في خوفه وحذره، وكلما زيد في عمره نقص من حرصه، وكلما زيد في ماله زيد في سخائه وبذله، وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم. ص227.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[25 May 2010, 01:07 م]ـ
39 ـ أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة؛ فالكبر يمنعه الانقياد، والحسد يمنعه قبول النصيحة وبذلها، والغضب يمنعه العدل، والشهوة تمنعه التفرغ للعبادة. فإذا انهدم ركن الكبر سهل عليه الانقياد، وإذا انهدم ركن الحسد سهل عليه قبول النصح وبذله، وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع، وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف والعبادة. ص231.
40 ـ خُلِق بدن ابن آدم من الأرض وروحه من ملكوت السماء، وقرن بينهما: فإذا أجاع بدنه وأسهره وأقامه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة، فتاقت إلى الموضع الذي خلقت منه، واشتاقت إلى عالمها العلوي. وإذا أشبعه ونعمه ونوّمه واشتغل بخدمته وراحته أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه، فانجذبت الروح معه، فصارت في السجن؛ فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.
وبالجملة فكلما خف البدن لطفت الروح وخفت وطلبت عالمها العلوي، وكلما ثقل وأخلد إلى الشهوات والراحة ثقلت الروح وهبطت من عالمها وصارت أرضية سفلية. فترى الرجل روحه في الرفيق الأعلى وبدنه عندك، فيكون نائماً على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش، وآخر واقف في الخدمة ببدنه وروحه في السفل تجول حول السفليات. فإذا فارقت الروح البدن التحقت برفيقها الأعلى أو الأدنى؛ فعند الرفيق الأعلى كل قرة عين وكل نعيم وسرور وبهجة ولذة وحياة طيبة، وعند الرفيق الأسفل كل هم وغم وضيق وحزن وحياة نكدة ومعيشة ضنك.
فآثر أحسن المعيشتين وأطيبهما وأدومهما! وأشْقِ البدن بنعيم الروح، ولا تُشْقِ الروح بنعيم البدن! فإن نعيم الروح وشقاءها أعظم وأدوم، ونعيم البدن وشقاؤه أقصر وأهون، والله المستعان. ص246 ـ 247.
41 ـ العارف لا يأمر الناس بترك الدنيا؛ فإنهم لا يقدرون على تركها، ولكن يأمرهم بترك الذنوب مع إقامتهم على دنياهم؛ فترك الدنيا فضيلة، وترك الذنوب فريضة؛ فكيف يؤمر بالفضيلة من لم يقم الفريضة؟!
فإن صعُب عليهم ترك الذنوب؛ فاجتهد أن تحبب الله إليهم بذكر آلائه وإنعامه وإحسانه وصفاته وكماله ونعوت جلاله؛ فإن القلوب مفطورة على محبته؛ فإذا تعلقت بحبه هان عليها ترك الذنوب والاستقلال منها والإصرار عليها. ص247.
¥