" فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ " القصص (8): في الكلام حذف تقديره: ففعلتْ ما أمرت به من إرضاعه , ومن إلقائه في اليمِّ. واللام في " لِيَكُونَ " للتعليل المجازي، لما كان مآلُ التقاطه وتربيته إلى كونه عدوا لهم وَحَزَناً، وإن كانوا لم يلتقطوه إلا للتبنِّي، وكونه يكون حبيباً لهم، ويعبّر عن هذه اللام بلام العاقبة وبلام الصيرورة.
وقال ابن هشام رحِمه الله: لام العاقبة وتسمى أيضا لام الصيرورة ولام المآل وهي التي يكون ما بعدها نقيضا لمقتضى ما قبلها نحو: " فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا " القصص (8) فإن التقاطهم له إنما كان لرأفتهم عليه ولمَا ألقى الله تعالى عليه من المحبة فلا يراه أحد ٌ إلا أحبَّه فقصدوا أن يصيِّروه قرَّةَ عينٍ لهم فآل بهم الأمر إلى أنْ صار عدوا لهم وحزنا.
وقال العيني: قوله: {لِيَكُونَ}: في اللامِ الوجهان المشهوران: العِلِّيَّةُ المجازيةُ بمعنى: أنَّ ذلك لَمَّا كان نتيجةَ َ فِعْلِهم وثمرتَه، شُبِّه بالدَّاعي الذي يفعلُ الفاعلُ الفعلَ لأجله، أو الصيرورةُ.
وقال البغدادي في خزانة الأدب:
أقول: تسميتها بلام العاقبة وبلام الصيرورة هو قول الكوفيين، ومثلوه بقوله تعالى: " فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا " القصص (8)
وبقول الشاعر:
وللمَوتِ تَغذُو الوالِداتُ سِخَالَها كما لِخَرَابِ الدُّور تُبنَى المَسَاكِنُ
وبقول الآخر:
فَإِن يَكُنِ المَوتُ أَفناهُمُ فَلِلمَوتِ ما تَلِدُ الوالِدَه
وقال ابن هشام في المغني: أنكر البصريون ومن تابعهم لام العاقبة.
قال الزمخشري: والتحقيق أنَّها لامُ العلة, وأنَّ التعليل فيها واردٌ على طريق المجاز دون الحقيقة , وبيانُه أنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدوا وحزنا بل المحبة والتبنِّي , غير أن َّذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرته شبه بالدَّاعي الذي يفعل الفعل لأجله فاللام مستعارة لما يشبه التعليل كما استعير الأسد لمن يشبه الأسد انتهى.
وفهم منه أن َّاللام في هذه الأبيات للتعليل. وجعلها من فروع الاختصاص أولى، لأن التعليل أيضاً من فروع الاختصاص.
ـ[مجاهد الصمدي]ــــــــ[11 - 01 - 2010, 11:36 ص]ـ
شكرا لك يا ابن قدامة على هذا التفصيل المفيد