تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

? وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ? (النساء:69)؟!

وإذا كان السمع قد قدِّم على البصر في أغلب الآيات، فليس معنى ذلك أن السمع أهم من البصر، وأشرف عند الله تعالى في الخلق؛ وإنما معنى ذلك أن هذا التقديم من ناحية الخلق فقط، لا من ناحية الفائدة. فمن المعلوم أن الله تعالى خلق السمع قبل البصر؛ كما يشير إلى ذلك قوله تعالى:

? وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ? (المؤمنون:78).

وقد أثبت علم الأجنة، وعلم تطور الأجناس أن السمع هو الحاسة الوحيدة، التي يولد بها الطفل مكتملة، في حين أن البصر لا يكتمل خلقه قبل ستة أشهر من الولادة. أما من ناحية الفائدة فإن الله عز وجل لم يذكر السمع في القرآن مثلما ذكر البصر .. تأمل قول الله تعالى:

? قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أََفَلا تَتَفَكَّرُونَ ? (الأنعام:50)، وقوله تعالى:? أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم ? (الملك:22)

تجد أن العين أهم حاسة في جسم الإنسان، وقد وضعت في أعلى مكان منه، ولأهميتها هذه وفَّر الله سبحانه وتعالى لها الحماية الكاملة، فوضعها في تجويف متين {المحجر}، حدوده الأمامية ذات قوة وبأس، يستطيع أن يقيها، إذا حُشرت فيه وضُغط عليها. ولأهمية البصر فقد خلق الله تعالى للإنسان عينيْن، فأصبحت نعمة البصر حصيلة للازدواج الخلقي للعين، وعلى أتم ما تكون من ناحية الأداء؛ إذ يمكن تمييز البعد الثالث- وهو العمق- فتكون الصورة ذات جسم واضح من حيث طوله وعرضه وعمقه.

ويقال: إنه كانت هناك عينٌ ثالثة، تقع في الخلف عند اتصال مؤخرة الجمجمة بالعنق؛ ولكنها بمرور الزمن انقرضت، وأصبحت تمثل الآن ما يسمى بالجسم الصنوبري داخل الجمجمة عند اتصال المخ بالمخيخ .. وتقوم العين بوظائف ثلاثة:

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[19 - 11 - 2006, 12:27 م]ـ

أولها: تقوم العين بعمل النافذة، التي منها يستطيع الجسم أن يطل على العالم. فهي جواز السفر لمشاهدة العالم، وتقليب صفحاته، والوقوف على مواطن الجمال فيه؛ كما أن العالِم يستطيع أن يطل منها على الجسم، فيعلم حالته بالتفصيل، ويمكنه الاستدلال على حالته الصحية من فحص قاع العين، مثل داء البول السكري، والدم المرتفع، وأورام المخ، واضطرابات الدورة الدموية، والحميات، وغير ذلك. ولهذا قيل: العين مرآة الجسم. وبمعنى آخر، فإن الإنسان يتلخص كله، ويرتكز في العين، التي تعتبر صورة مصغرة لما يدور في داخل الإنسان.

ثانيها: تقوم العين بالتعبير عن إحساسات الشخص الداخلية بما فيها من مشاعر؛ سواء أكانت إيجابية، أم سلبية. فلمعان العين يظهر عند الحب والفرح والأمل، وانطفاؤها يظهر عند الكره والحزن والألم. كل هذه المعاني لا يمكن التعبير عنها إلا من خلال العينين. كذلك حركتها ونظرتها وتغيراتها الكونية، كل ذلك له معنى، يمكن الاستفادة منه. ومن هنا قالوا: عندما يتكلم الإنسان فانظر إلى عينيه!

ثالثها: تقوم العين بالتأثير في الغير بافتعال شعور خارجي، وإحساس معين، يقصد به الإيحاء بفكرة ما، أو عمل ما. وهذه النقطة تجرنا للحديث عن العلاقة بين العين والروح.

فثبت بذلك أن ما قيل من حكمة، أو من سرٍّ في تقديم السمع على البصر، لا يجدي نفعًا، ولا يفسر أسلوبًا، وبخاصَّة إذا علمنا أن السمع والبصر هما الأصل- من بين الحواس- في العلم بالمعلومات، التي يمتاز بها الإنسان عن البهائم؛ ولهذا يقرن الله تعالى بهما الفؤادَ في كثير من المواضع.

وإن كان من تفسير لتقديم السمع على البصر في أغلب الآيات؛ فإنما يرجع- في الحقيقة- إلى أن حركة اللسان بالكلام أعظمُ حركات الجوارح، وأشدُّها تأثيرًا في الخير والشر، والصلاح والفساد .. بل عامَّة ما يترتب في الوجود من الأفعال؛ إنما ينشأ بعد حركة اللسان، فكان تقديم الصفة المتعلقة به أهم وأولى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير