فتكبروا على الله ورسوله، وبطروا الحق، وأعرضوا عن سبيل الهدى، فأعقبهم الله نفاقاً في قلوبهم، قال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف:146).
فأقسمت بالذي لا يحلف بغيره، ولا يملك مخلوق التصرف في ملكه و شرّه وخيره، أن أبذل قوتي، وطاقتي، وحجتي، ومهجتي، ولذة نومي، وأنسي بأهلي: في قتالي لأهل البدعة والغواية، وألحق بهم أشد النكاية، ولن أبقي لهم وارده، ولن أدع منهم شارده، ولو علمت أن عضوا من جسدي لان لهم، أو أحبهم: بترته، وتخليت عنه!.
كيف لا؟!، وهم يشركون بالله العظيم، و تلطخوا بأقوال وعقائد الذنب الوخيم، وألحقوا بالله المذمة، وجعلوا معه آلهة أخرى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (يوسف:39). وقال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء:22).
فتالله لأكيدن أصنامكم وأوثانكم وأربابكم وأئمتكم حتى تولوا مدبرين.
إن (وثن التصوف) قد حطمه قبلنا أئمة التوحيد من النبيين والمرسلين، فقد خرجوا على أقوام يتعبدون لله تعالى بصنوف العبادات، وتتقطع أوصالهم رهبة وخشية!!، ولكنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا!: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا) (الحديد: من الآية27)، وقال سبحانه: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً) (الغاشية:1 - 4).
فقامت كتائب التوحيد بالجهاد بالسيف والسنان، والحجة والبيان، بين إبراهيم ونوح وعيسى وموسى ومحمد وسائر المرسلين عليهم أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، وبين ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى!.
وهاهي كتائب التوحيد على مرّ التاريخ، تستن بسنة الموحدين، وتسير على طريقة المرسلين، وتهدم أوثانهم، (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (الأنعام: من الآية90).
ففرق بين من أحيا سنة الأنبياء والمرسلين، وعظّم الله، و وحده، وكفر بجميع ما يعبد من دون الله، وبين من أحيوا سنة أبي جهل وأبي لهب، وجددوا ملة عمرو بن لحي الخزاعي! ورفعوا معالم (اللات) و (العزى) و (ذي الخلصة!) و زادوا (قبة البدوي) و (مشهد العيدروس) و (كعبة هود!) و (مشاهد تريم!) وبنوا فوقها المشاهد، والمساجد!، (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (الكهف:103 - 104)، (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (فاطر:8).
وإني في (السرية الثانية) سوف أذكر بعض (شركيات الملحدِ المفتَرِي عَلِيٍّ الجَفَرِي)، وأبين خطأ المغرورين، وغاية تهافت الهمج الرعاع خلف من سحرهم (بابتسامته!) و جذبهم (برقة أسلوبه) وأسر قلوبهم بدعوى (محبة الرسول صلى الله عليه وسلم!)، قال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (المنافقون:4).
فقد جمعت من مقالاته المقروءة والمسموعة ما يوجب ضلاله، ويثبت ردته إن صح له إسلام أصلا!، فعامة (جيل التصوف) ينشأ في تصوفه وليدا، ويهرم فيه، ويظن أن على الهدى وهو من الهالكين!، حتى إن عالم صنعاء محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني حكم أن مشركي زمانه كفاراً أصليين!!، وهم كذلك، ومجرد نطقهم بالشهادتين لا يغني عنهم شيئاً، فقد كان كفار قريش يلبّون بالتوحيد، وينطقون بالشهادة ثم يفسدونها بإشراك آلهتهم!، ويقولون: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلاّ شريكاً هو لك تملكه وما ملك!)، ويطوفون حول البيت الحرام، ويقصدونه بالحج والعمرة، ويطوفون بين الصفا والمروة!، بل ويدعون الله وحده وقت الشدة والكربات، ومع ذلك ما صح لهم دين، ولا ثبت لهم إسلام، ولا تم لهم توحيد، وهم كفار من جثى جهنم!، فكيف يصح لمن نشأ وترعرع وأدركه الهرم أو الموت وهو يعكف على قبور الأولياء، ويتقدم لها بالنذور والقرابين، ويتمسح بها، ويطوف حولها، ويعتقد أنهم يتصرفون في ملكوت الله تعالى، ويعلمون ما استأثر الله بعلمه، ويُحيون ويُميتون، وبهم تكشف الكربات، ومنهم تطلب الحاجات، وتخبت قلوبهم عند آلهتهم أكثر من إخباتهم بين يدي الله، وتشرق ألسنتهم بذكرهم أكثر من ذكرهم لله!، فأي إسلام يصح لهؤلاء، وأي دين لهم؟!.
وموعدنا جميعاً في (السرية الثانية).
والله الموفق
كتبه
أبو ريان الطائفي
عصر الجمعة المبارك 19 ذو القعدة 1425هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ح 2,.
¥