تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلقد فرضت عليها منافسة غير طبيعية جعلتها تفقد أنوثتنا وبالتالي علاقتها الطبيعية مع الرجل الذي بلغ النفاق به مبلغا يطالبها معه بأن تكون ندا له في العمل، وامرأة أنثى في البيت ترعى أسرتها وهو ما لا يمكن في وقت واحد، الشيء الذي أدى إلى انتشار ظاهرة التسري لدى الرجال، وظاهرة استيراد الزوجات والأزواج من الخارج. فلقد بات كثير من الرجال الغربيين لا يرون في المرأة الغربية خيرا فيتزوجون من الفلبين والهند وحتى بعض البلاد الإسلامية ... وقد جعلت هذه الظاهرة الأوربيات يراجعن وضعهن بالتخفيف من العمل واسترداد بعض أنوثتهن الضائعة بإطالة الشعر وزيادة الوزن بالسيليكون والتمظهر بمظهر أنثوي! وظهرت جمعيات تعترض على استعمال النساء شبه عاريات في دعاية الترويج للسيارات الحديثة، وكذلك على فرض "المعيار الجمالي للمرأة"، الذي تروج له وسائل الإعلام والفن (المرأة الطويلة النحيفة ذات الشعر القصير)، والذي جعل النساء عرضة لأمراض كثيرة مثل فقر الدم وحتى السرطان.

ولم يقتصر الأمر على الجمعيات فحسب بل تشارك الحكومات الغربية في التوعية بعدما صار فيها نساء كثيرات انتخبن لتحسين وضع المرأة بالاتجاه المعاكس! فلقد خصصت حكومات غربية ميزانيات مالية كبيرة لإعادة حبك النسيج الاجتماعي الذي تدمر نتيجة "للتحرر" غير المسؤول، فخصصت الحكومة البلجيكية ـ على سبيل المثال ـ علاوة مالية تصل لحد الـ 10000 يورو لكل شخص يعتني بوالديه في سن الشيخوخة! كما خصصت أيضا ميزانية لبناء جناح إضافي في الدار (مكون من غرفة وصالون صغير وحمام) لإقامة الوالدين فيه بدلا من إرسالهما إلى دار العجزة التي ثبت بشأنها أن الإقامة فيها تعزل المسنين عن المجتمع وتسبب لهم الإحباط والموت البطيء!

ومن الجدير بالذكر أن رجالا كثيرين يشعرون بالضرر من تحرر المرأة غير المضبوط! وغالبا ما يتجمع رجال من هذا الجنس في جمعيات للمطالبة بحقوقهم المسلوبة! وفي بلجيكا من جديد: تكونت قبل عشر سنوات جمعية اسمها Mannelief (= حب الرجولة)، أسسها رجال متضررون من تحرر المرأة بهدف حماية أنفسهم وسائر الرجال من "تبعات تحرر المرأة"! ويشترط للعضوية فيها متابعة "دورة في الرجولة" (قطع شجر، حمل أثقال، مصارعة، اكتشاف مواطن الرجولة لدى الذات ... ) تنظم في غابات جنوب بلجيكا! ولقد دعيت مرة للحديث في لقاء تلفزيوني جمعني ورئيس هذه الجمعية وممثلة عن الحركات النسائية التحررية. وكانت مشاركتي فيه مقتصرة على الحديث فيما إذا كان لدى العرب والمسلمين في بلجيكا رجال متضررون من تبعات تحرر المرأة، وكذلك على فك الاشتباك الحاصل بين رئيس جمعية الرجال وممثلة الحركات النسائية التحررية لأن مقامة عظيمة بينهما وقعت بسبب مواقفهما العجيبة من جهة، وبعض ملاحظاتي "البريئة" من جهة أخرى، لأن رئيس جمعية الرجال كان كثير الاستنجاد بي أثناء الحديث بسبب أحكامه المسبقة على الرجال العرب!

ــــــــــــــــــ

* من المشهور أن المسيحية عموماً تعتبر المرأة سبب الخطيئة الأزلية والمسبب المباشر لطرد آدم من الجنة. ومن المعروف أيضاً أن العقيدة المسيحية تعتبر الخطيئة الأزلية خطيئة متوارثة ولا يتخلص الانسان منها ومن عواقبها إلا بالإيمان بالمخلص وهو المسيح الذي افتدى العالم بدمه وخلصه من الخطيئة الأزلية. وجعل هذا الاعتقاد آباء الكنيسة (القديس أغسطين، أنسلموس، ترتليانوس وغيرهم) يعتبرون المرأة السبب المباشر في سفك دماء المسيح. فالمرأة هي المسؤولة عن طرد الانسان من الجنة من جهة، وعن صلب المسيح في العقيدة المسيحية من جهة أخرى. ولقد جعل هذا الاعتقاد آباء الكنيسة الأوائل يعتقدون أن المرأة كائن حيواني بدون نفس ناطقة تضمحل وتتلاشى بعد الموت ولا تبعث يوم القيامة. وعلى الرغم من التطور الكبير الذي عرفه وضع المرأة في الغرب بعد الثورة الفرنيسة فإن شيئاً من هذا الاعتقاد لا يزال موجوداً في أوساط الكنيسة الكاثوليكية في الغرب. انظر: القديس أغسطين، كتاب Enchiridion، أمستردام، 1930؛ القديس أغسطين، كتاب De Genesi ad litteram imperfectus liber ، لايدن 1930؛ القديس ترتليانوس، كتاب De Cultu Feminarum ، أمستردام – أنتورب، 1955. يقول فيه (صفحة 23) مخاطباً المرأة: "ألا تعلمين أنك حواء؟! أنت باب الشيطان! أنت مدنسة الشجرة السماوية! أنت أول آبقة من شرع الله! أغويت الرجل الذي لم يكن بمقدور حتى الشيطان إغواؤه ... بسهولة مطلقة أسقطت صورة الله [الانسان]! لقد تسببت فعلتك، التي تستحقين الموت لأجلها، في موت ابن الله على الصليب". انظر أيضا كتاب "مطرقة الشريرات " Malleus Maleficarum ، وهو كتاب مجهول المؤلف صدر سنة 1486 وأصبح دستور محاكم التفتيش. يقول (الجزء الأول، الفقرة 6): "إن مصدر كل الشرور هو الشهوة النسائية التي لا تُشبع! فتبارك الله العظيم الذي طهر الرجل من بلية كهذه! إن طهور الرجل [اقرأ: المسيح] من هذه البلية كان بفضل استعداده لتحمل الآلام لأجلنا وافتدائنا بدمائه، لذلك وُهب هذا الامتياز".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير