11. وفيه تقويةٌ لمن كره نكاح من كان لها زوج، لما ظهر من اعتراف أم زرع بإكرام زوجها الثاني لها بقدر طاقته، ومع ذلك حقرته وصغرته بالنسبة إلى الزوج الأول.
12. وفيه أن الحب يستر الإساءة؛ لأن أبا زرع مع إساءته لها بتطليقها لم يمنعها ذلك من المبالغة في وصفه إلى أن بلغت حد الإفراط والغلو، وقد وقع في بعض طرقه إشارة إلى أن أبا زرع ندم على طلاقها وقال في ذلك شعراً.
13. وفيه جواز وصف النساء ومحاسنهن للرجل، لكن محله إذا كن مجهولات، والذي يمنع من ذلك وصف المرأة المعينة بحضرة الرجل، أو أن يذكر من وصفها ما لا يجوز للرجال تعمد النظر إليه.
14. وفيه أن التشبيه لا يستلزم مساواة المشبه بالمشبه به من كل جهة لقوله -صلى الله عليه وسلم -: (كنت لك كأبي زرع)، والمراد ما بينَّه بقوله: في رواية الهيثم في الألفة .. إلى آخره، لا في جميع ما وصف به أبو زرع من الثروة الزائدة، والابن والخادم وغير ذلك، وما لم يذكر من أمور الدين كلها.
15. وفيه أن كناية الطلاق لا توقعه إلا مع مصاحبة النية فإنه - صلى الله عليه وسلم - تشبه بأبي زرع، وأبو زرع قد طلق، فلم يستلزم ذلك وقوع الطلاق لكونه لم يقصد إليه.
16. وفيه أن من شأن النساء إذا تحدثن أن لا يكون حديثهن غالباً إلا في الرجال، وهذا بخلاف الرجال فإن غالب حديثهم إنما هو فيما يتعلق المعاش.
17. وفيه جواز الكلام بالألفاظ الغريبة، واستعمال السجع في الكلام إذا لم يكن مكلفاً، قال عياض ما ملخصه: في كلام هؤلاء النسوة من فصاحة الألفاظ، وبلاغة العبارة والبديع؛ ما لا مزيد عليه، ولا سيما كلام أم زرع، فإنه مع كثرة فصوله، وقلة فضوله؛ مختار الكلمات، واضح السمات، نير النسمات، قد قدرت ألفاظه قدر معانيه، وقررت قواعده وشيدت مبانيه، وفي كلامهن ولا سيما الأولى والعاشرة أيضاً من فنون التشبيه والاستعارة، والكناية والإشارة، والموازنة والترصيع، والمناسبة والتوسيع، والمبالغة والتسجيع، والتوليد وضرب المثل، وأنواع المجانسة وإلزام ما لا يلزم، والإيغال والمقابلة، والمطابقة والاحتراس، وحسن التفسير والترديد، وغرابة التقسيم وغير ذلك؛ أشياء ظاهرة لمن تأملها، وكمل ذلك أن غالب ذلك أفرغ في قالب الانسجام، وأتى به الخاطر بغير تكلف، وجاء لفظه تابعاً لمعناه، منقاداً له غير مستكره ولا منافر، والله يمن على من يشاء بما شاء لا إله إلا هو.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[08 - 01 - 2007, 07:25 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بوركتَ أيها الفاضل
وجزاك الله خيرًا
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[08 - 01 - 2007, 07:31 م]ـ
وبوركت أخي أبو طارق وأشكرك على المتابعة ..
الفائدة السادسة:
لما قال لها النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه:
" كنت لك كأبي زرع لأم زرع " .. قالت:
يارسول الله، بل أنت خير من أبي زرع.
قال صلى الله عليه وسلم:" نعم، فقد طلّقها، وإنّي لا أطلقك."
قال العلماء: هو تطييب لنفسها , وإيضاح لحسن عشرته إياها , ومعناه أنا لك كأبي زرع , (وكان) زائدة , أو للدوام كقوله تعالى {وكان الله غفورا رحيما} أي كان فيما مضى , وهو باق كذلك. والله أعلم
وتسارع بنت الصدّيق ... بكلام حلو ورقيق
بل أين أبو زرع أينا ... من زوج بر ورفيق؟
أرسول الله يشابهه الـ ... أغيار بخلق موثوق؟
قد صاغك ربي من نور ... وحباك بكل التوفيق
أنت العلياء وذروتها ... وسواك بوهد التضييق
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[08 - 01 - 2007, 07:49 م]ـ
الفائدة السابعة
فن الإستماع والتفاهم وأثره بين الزوجين
لا تخلو أي أسرة من مشكلات، وسوء تفاهم، وقلة استماع من كلا الطرفين للآخر، لسبب أو لغيره، لكن ذلك درجات، منها ما يطاق، ويعد طبيعيا في كل الأسر، ومنها ما لا يطاق ولا يعد طبعيًّا، مما يؤدى إلى تفكك الأسرة، وانفراط عقدها المنظوم، وهو موجود في أسر دون أخرى.
ولاشك أن خلف كل دخان نارًا، ولكل دواء دواء، فإذا تم تشخيص الداء سهل علينا وصف الدواء.
فللتفاهم دوره الكبير في استقرار الحياة الزوجية، وأثره الخطير في تجفيف منابع المشكلات اليومية من جذورها بين الزوجين، وإلا استفحلت المشكلة، وتضخمت، واستعصت على الحل، مما يؤدى إلى ما لا يحمد عقباه.
¥