[النعش والمسمار الجديد]
ـ[فتحي قاسم]ــــــــ[03 - 07 - 2007, 01:44 م]ـ
[النعش والمسمار الجديد]
اللغة أداة التفاهم ووسيلة الحوار وهي كذلك أداة التفكير والوعاء الذي يختزن كل المعرفة الإنسانية وبواسطته تنتقل عبر الزمن من جيل إلى جيل من سلف إلى خلف بل و لانجاوز الحقيقة إذا قلنا إن المعرفة الإنسانية هي في الأساس معرفة لغوية تتم بواسطة اللغة وداخلها وإن هذه الخاصية هي التي تجعلها معرفة قابلة للنمو.
وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة فيما ساقه النص الكريم بخصوص قصة خلق أبي البشرية آدم عليه السلام وذلك في قوله تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البقرة 31.
كل ذلك الكلام عن اللغة صحيح ولا غبار عليه وبه يظهر للإنسان أنه لولا اللغة ما كان للحياة البشرية أن تكون على ما هي عليه مما هو معهود ومألوف لدينا ويكفي للمسلم أن ينظر إلى مقام اللغة اللغة العربية من الإسلام فكيف كان للإسلام أن يكون دون القرآن وقد حملته اللغة إلينا كاملا موفورا محفوظا كما أنزل وقد حمله قبل ذلك جبريل من السموات العلا إلى قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم كلاما إلهيا رطبا صيغ على لسان العرب ثم نمت العلوم الأخرى به ومن حوله وكلها جرت في نهر اللغة فهذا تفسير وذاك فقه والآخر نحو وغيره بلاغة إلى من علوم جرت بها أقلام مدادها من نور الروح وعطر النفس.
وللعربي أن يسأل نفسه كيف كان لهذا الصرح الضخم للغته العربية أن يكون لولا هذا الكم الهائل من أبيات وقصلئد نحتها شعراء صرنا نألف أسماء البعض منهم رغم تباعد الزمن بهم عنا أو عنا بهم مثل أمرؤ القيس وعنترة العبسي والأعشى والفرزدق وجرير والمتنبي وغيرهم ممن صاغوا اللغة شعرا وجعلوا الشعر لبنات من ماء الحياة في صرح اللغة الهائل مع غيرهم ممن صاغوا اللغة حكما وخطبا ونثرا رفيعا كادت رقته وعذوبته تلامس رقة وعذوبة الماء الجاري.
كل ذلك الكلام عن اللغة صحيح ولا غبار عليه غير أن للعملة وجه آخر.
فما يغفل عنه الكثيرون أن اللغة قد تستخدم وسيلة خداع وتزييف وطمس للحقائق وحجر للعقل عن أن يمارس فعله في الفهم والتحليل والتنقيب عما يمكن أن يكون تحت السطح من حقائق.
أقول ذلك بعد أن طرق سمعي في إحدى نشرات الأخبار أثناء الحديث عن أحداث فلسطين الأخيرة التي جرت بين حماس وفتح وتعامل إسرائيل معها تعبير كان سمعي قد ألفه لفترة ثم اختفى ليعود مرة أخرى ويعديني إلى حديث النعش والمسمار.
حديث النعش والمسمار! وهل نسينا ذلك النعش الذي دقت فيه عشرات بل مئات المسامير وبقي فيه متسع لما لا يحصى من المسامير التي كلما تهيئت فرصة دق منها المسمار والمسماران ومع كل ذلك يبقى النعش كما هو نعش لا يكتمل.
وما أذكره الأن أ، ي كنت أعجب بالغ العجب من قدرة الإنسان على ممارسة الخديعة بواسطة اللغة بصوغ تعابير يتلقاها العقل ليق عندها وكأنها صارت الوصيف النهائي للحالة المتحدث عنها فليس ثمة بعدها من حاجة لبحث او تفكير.
وهكذا ظل المسمار يدق تلو المسمار وظل الميت المنتظر وظل الميت المنتظر ينعم بنبض الحياة وبقي عليك أن تتوقع دوام هذه الحياة ما دام المسمار القادم موجودا ومعدا وما أسهل أن توجد المسامير ما دامت المسألة كلاما في كلام.
بقي الحال على ماهو عليه إذن واستمرت إسرائيل تخرق كل المواثيق الدولية وتنتهك كل الحقوق الإنسانية وتخالف ما وقعت عليه من اتفاقيات وتكذب ما وعدت به من عهود وبقيت ترتكب من البشاعات الدموية ما ترتكب وبقي مع كل ذلك لسان حالنا يردد مع مذيع نشرة الأخبار بعد كل حادثة " مسمار جديد في نعش عملية السلام ".
واليوم مع عودة المسامير مع النعش الجديد صاروا يقولون " مسمار جديد في نعش إتفاق شرم الشيخ " وسيبقى النعش كسابقه لا يكتمل ويبقى مفتوحا لاستقبال ما لا يحصى من المسامير ويبقى السؤا الكبير متى نواجه الحقائق صراحة بعزم وحزم وصدق بعيدا عن ألعوبة النعش والمسمار.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[03 - 07 - 2007, 04:48 م]ـ
هذه لغة الإعلام التي تسمم أفكار الشعوب فاتراءاتها , وترهاتها حالها:
العلمُ ما ينقله الإعلام = وليس ما يعقله الأعلام
والحق ما تطلقه الأبواقُ = وليس ما تثبته الأوراقُ
قد يُطلعون الشمس نصف الليل = والويلُ للمنكر كل الويل
الحق ما رأوا وإنْ لم يَحْقُق = والصدق ما قالوا وإنْ لم يصدق
أعذب مطرب هو الحمار = وشر مزعج هو الهزار
وأشجع الشجعان ذاك الأرنبُ = والليث رمز الجبن لا تعجبوا
دنيا النفاق تقلب الحقائقا = وتظهر العلقم حلواً رائقا
والله المستعان
سلمت أناملك أيها الفاضل