تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التصوف بمفهوم الجنيد]

ـ[مصطفى السامرائي]ــــــــ[24 - 07 - 2007, 06:22 م]ـ

:::

سئل الجنيد عن التصوف فقال: (اسم جامع لعشرة معان، الأول: التقلل من كل شىء من الدنيا عن التكاثر فيها، والثاني: اعتماد القلب على الله عز وجل من السكون إلى الأسباب، والثالث: الرغبة في الطاعات من التطوع في وجود العوافي، والرابع: الصبر على فقد الدنيا عن الخروج الى المسالة والشكوى، والخامس: التمييز في الأخذ عند وجود الشىء، والسادس: الشغل بالله عز وجل عن سائر الأشياء، والسابع: الذكر الخفي عن جميع الأذكار، والثامن: تحقيق الإخلاص في دخول الوسوسة، والتاسع: اليقين في دخول الشك، والعاشر: السكون إلى الله عز وجل من الاضطراب والوحشة، فإذا استجمع هذه الخصال استحق بها الاسم والا فهو كذاب).

بالله عليك هل وجدت في هذه المعان خلقا يخالف أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟

أولا: التقليل من الدنيا التي نعتها خالقها بقوله (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت: 64]، وقال سبحانه (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 77]، لا افراط ولا تفريط، ولا اسراف ولا تقتير، وانما (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31]، أكل، وشرب، وزينة من دون اسراف كما جاء في الاثر (انَّ لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه).

ثانيا: اعتماد القلب على الله تعالى (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [المائدة: 23]، (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق: 3]، توكل على، مع الأخذ بالاسباب من تعلق القلب بالاسباب أو يعتمد عليها، وانَّما اعتماده على خالقه الذي بيده الامر.

ثالثا: الاكثار من الطاعات، أخرج البخاري في صحيحه (رقم 6137) من حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)، هكذا يريد الصوفية الزيادة بالطاعات للوصول الى أعلى الدرجات (ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).

رابعا: الصبر على الدنيا دار البلاء والمحن (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155ـ157].

خامسا: التمييز في الأخذ بين الحل والحرمة والشبهة، عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات: كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإنَّ لكل ملك حمى، ألا وإنَّ حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإنَّ في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، حفظوا جوارحهم عن الحرام، وشبهة الحرام، فحفظ الله قلوبهم.

قال العارف بالله الشيخ عبد القادر الكيلاني: (لاتأكل الا ومعك شاهدان: كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير