لطائف من لُغة القُرآن الكريم
ـ[أبو حمزة السني]ــــــــ[20 - 07 - 2007, 01:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني هذه بعض لطائف لُغة القُرآن الكريم:
1 - القرآن هُدىً: هذا ما فهمه الراسخون في العلم من خلال لغة العرب؛ حيث أن الوقف على كلمة وإن أعطى معنىً معيناً فإن الوقف على كلمة أخرى يُعطي معنىً أبلغ [وهذا لا يُفهم إلا من خلال التبحر في لُغتنا العربية] وأوضح سبيل للتعرف على ذلك ما جاء في قول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} البقرة2
قال الإمام الحافظ ابن كثير في تفسيره العظيم1/ 65: ((ومعنى الكلام هنا أن هذا الكتاب هو القرآن لا شك فيه أنه نزل من عند الله كما قال تعالى في السجدة: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} السجدة2 ... ومن القراء من يقف على قوله تعالى: {لا ريب} ويبتدئ بقوله تعالى: {فيه هدىً للمتقين} والوقف على قوله تعالى: {لا ريب فيه} [[[أولى]]] للآية التي ذكرناها ولأنه يصير قوله تعالى: {هدىً} صفة للقرآن وذلك أبلغ من كون فيه هدىً، وهدىً يحتمل من حيث العربية أن يكون مرفوعاً على النعت ومنصوباً على الحال وخُصَّتِ الهدايةُ للمتقين كما قال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هدىً وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} فصلت44، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} الإسراء82 إلى غير ذلك من الآيات الدالة على اختصاص المؤمنين بالنفع بالقرآن؛لأنه هو في نفسه هدىً ولكن لا يناله إلا الأبرار كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} يونس57 ... )) أ هـ
2 - القُرآن شفاء:هذا ما فهمه الراسخون في العلم من خلال لغة العرب
حيث أن التعبير بحرف له معنىً أبلغ يليق بكلام الرحمن [وهذا لا يُفهم إلا من خلال التبحر في لُغتنا العربية] كما قال الإمام ابن قيِّم الجوزية في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (المعروف بـ الداء والدواء) ص 8: (( ... وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء فقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هدىً وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} فصلت44، {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} الإسراء82 و [[[مِنْ]]] هنا لبيان الجنس لا للتبعيض؛ فإن القرآن كله شفاء كما في الآية المتقدمة (يقصد الإمام ابن القيِّم قوله تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هدىً وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} فصلت44 وقد ألمع إليها آنفاً))) أ هـ
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله تعالى وخاصته كما ثَبَتَ ذلك عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجَهْ ومعجم الطبراني الكبير وغيرهم بإسناد حسن عن أنس رضي الله عنه قال
: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس قالوا يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القرآن أهل الله وخاصته)).
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[20 - 07 - 2007, 03:32 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا حمزة على هذه اللطائف القرآنية الجميلة
وهذا مثال آخر وقعت فيه (من) لبيان الجنس واستحالة كونها للتبعيض لكنه مثال نبوي
فعند مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال
: قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بخمس كلمات فقال إن الله عز و جل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور (وفي رواية أبي بكر النار) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.
قال جمع من أهل العلم: والمراد بما انتهى إليه بصره من خلقه جميع المخلوقات لأن بصره سبحانه وتعالى محيط بجميع الكائنات ولفظة (من) لبيان الجنس لا للتبعيض والتقدير لو أزال المانع من رؤيته وهو الحجاب المسمى نورا أو نارا وتجلى لخلقه لأحرق جلال ذاته جميع مخلوقاته.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا
ـ[أبو حمزة السني]ــــــــ[20 - 07 - 2007, 05:34 م]ـ
أخي الحبيب (أبو سُهيل) جزاك الله خيراً وسهل الله لك أمرك ووصلك بهداه لتواصلك
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[26 - 09 - 2007, 05:27 ص]ـ
قال السيوطي في الإتقان
النوع الحادي والأربعون في معرفة إعرابه
السابع: أن يراعي في كل ترتيب ما يشاكله، فربما خرج كلاما على شيء ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه ... ومن ثم خطئ من قال في (ذلك الكتاب لا ريب فيه) أن الوقف على ريب وفيه خبر هدى، ويدل على خلاف ذلك قوله في سورة السجدة (تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين).