تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قبري ... فندق 5 نجوم!]

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[15 - 08 - 2007, 10:51 ص]ـ

كنت احتفظ به في الأرشيف عندي،أحببت ان أشارككم حلاوته!!!

قبري ... فندق 5 نجوم -د. منى يكن

كلنا ننام

نهاية كل يوم ليلة، تتكرر في حياة كل إنسان من اليوم الأول لولادته إلى آخر يوم في حياته. ومن الطبيعي أن يرقد كل إنسان إلى فراشه سواء أكان فراشاً من الحرير أو من القش. وينطوي ليل وبعده نهار وبعده ليل. يرتب وينظف الإنسان فراشه ويحاول أن يجعله الأكثر راحة كي ينام جيداً ويستفيق مرتاحاً. في الشتاء يؤمن كل ما يحتاجه من أغطية ليهنأ بالدفء، وفي الصيف، يفعل كل ما بوسعه لتلطيف الجو الحار كي ينام قرير العين. قد يختار أجل الأثاث لغرفة النوم وقد يغيرها عدة مرات خلال حياته ...

هذا حال الإنسان العادي، لا نقول الغني ولا نقول الفقير ... أما ذلك الغني الذي قد يكون فراشه من الماء ووسادته من الحرير ولا يعرف للبرد والحر معنىً. أما ذلك الإنسان الذي يتنقل من بلد إلى بلد، ومن فندق 5 نجوم إلى فندق آخر ... ويقضي حياته في مستوى الخمس نجوم وربما الست أو السبع نجوم إن وُجد. تُرى هل يقبل ليلة واحدة دون فراش، دون وسادة ودون غطاء، دون تبريد ولا تدفئة ... هل يقبل بفراش 3 نجوم؟ نجمتين؟ أم نجمة؟ هل يمكنه تخيل فراش دون أي نجمة؟؟ دون أي شيء!!

فندق بلا نجوم

نعم أيها الإنسان ... ستقبل فراشاً دون أي نجمة شئت أم أبيت!! ستدخل فراشاً ينسيك كل فراش .. وتقول ليتني أجد فراشاً بنجمة واحدة!! ستترك وسادة الحرير، وفراش الماء والغطاء المخملي .. سيكون فراشك ووسادتك من تراب، ستكون ثياب نومك الكفن، وسيكون غطاؤك من تراب .. سيؤنسك الدود بدل التلفاز أو الراديو ...

هلا جربت ليلة واحدة في فندقك الذي ستأوي إليه حتى يرث الله الأرض ومن عليها ... ليلة واحدة فقط ... لو أعطوك مليون دولار وقالوا لك أن تجرب النوم وحيداً في ليلة مظلمة فوق التراب وحولك الدود ... هل تقبل؟؟ لكنك ستفعل ... كلنا سنفعل ... والله سنفعل ... ليس فوق التراب، بل تحته!! قد تكون هذه الليلة ...

هل يمكننا أن ننسى ذلك المكان الذي سيضعنا أهلونا به وسيتركونا ... وستستمر الحياة فوق الأرض، وتستمر حياة جيل بعد جيل من الدود الذي سيتذوق لحمنا ودمنا المتعفن ويأكل فتات عظامنا. فيلم رعب سريع علينا حضوره يومياً من أجل هدف واحد ... من أجل توسيع تلك الحفرة الضيقة كل ما بوسعنا ... من أجل إنارة ذلك القبر الموحش ... لأننا سنسكنه ربما بعد خمسين سنة، ربما بعد سنة، ربما الشهر القادم، ربما في نهاية الأسبوع، وربما هذا الليلة!!

قد تغيظك بعوضة وأنت في سريرك الناعم تحاول صدها ولكنها تصر إلا أن تلسعك وتتعارك معها حتى تنتصر عليها ... لكن من سيستضيفك في تلك الحفرة وأنت راقد بلا حراك سيشكرونك زيارتك لهم وعلى هدوء أعصابك وعدم صدك لهم ...

فندق مظلم إلا إذا ...

ليتنا نتذكر كلما انقطعت الكهرباء أو أطفأنا النور استعداداً للنوم أننا لن نجد شمعة أو كبريتاً أو مصباحاً في الحفرة التي تنتظر كل واحد منا ... ليتنا نتذكر أن نجوم السماء وشمس النهار وقمر الليل لن يصل نورها إلى الحفرة التي سننزل بها إلا بطريقة واحدة ... تسعى في كل لحظة من حياتك لإرضاء الله ... لا تنسى في أي وقت من الأوقات أنه قد يكون اليوم هو اليوم الأخير الذي تنام به في فراشك ... تتوقع في أي ثانية أنك قد تفارق أحبابك ... تؤدي كل صلاة على أنها الصلاة الأخيرة ... تذكر الله أينما كنت ومهما كنت منشغلاً ... تدعو الله وقت الراحة وليس فقط وقت الشدة ... تعيش دون نسيان أن الحياة فانية، وأن الهدف الأسمى الذي خُلقت من أجله هو التحضير للفندق الأزلي الذي ينسيك كل فنادق الدنيا ومتاعها ... إذا أحسنت تحضير الزاد للذهاب إليه ...

تحضير الزاد

قد تذهب مع عائلتك في مشوار لتناول طعام الغداء في أحضان الطبيعة ... تحضر قبل المشوار بيوم كل أصناف المقبلات واللحوم للشوي والحلويات والأشربة واللوازم التي تحتاجها من أجل أن تكون وعائلتك في سعادة وراحة كاملة. هذا منأجل مشوار سيستغرق بضع ساعات. هذا يعني أنك وقت التحضير أطول من وقت المشوار.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير