[اللغة العربية في غرفة العناية الفائقة. (للحوار)]
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[04 - 08 - 2007, 01:19 ص]ـ
أمجد ناصر ( http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=2838)
نادرًا ما نسمع شيئا عن مؤتمرات المجامع اللغوية العربية مع أنها تعقد بانتظام. كأن تلك الهيئات مجامع كهنوتية سرية. طبعًا هي ليست كذلك وليس في الأمر أسرار من أي نوع. كل ما هنالك أن أحدًا غير أعضائها ومن يدور في عالمهم الضيق، لا يهتم بها وبأخبارها. وقد بدت تلك المجامع، حتى للمعنيين بالعربية قراءة وكتابة، كأنها في واد والحياة العربية في واد آخر.
اليوم هناك خبر عن مجمع اللغة العربية في القاهرة. استطاع هذا الخبر أن يشق طريقه، بمعجزة، إلى وسائل الإعلام الواسعة الانتشار. وهو خبر غير سار بالمرة. وربما لهذا السبب صار خبر المجامع اللغوية العربية خبرًا.
الخبر يقول إن مجمع اللغة العربية في القاهرة يبكي اللغة العربية. قد يكون عنوان الخبر رحيما بعض الشيء. فالأجدر أن يقول ‘’ينعي’’ وليس ‘’يبكي’’. فالبكاء على العربية يعني أنها تمر في ظرف حرج، تعرف وضعا صحيا سيئا، لكن الواقع يقول إنها في غرفة العناية الفائقة.
الخبر الآخر الذي نشرته بعض وسائل الإعلام العربية في اليوم نفسه يقول إن مثقفين مغاربة انشأوا جمعية لحماية اللغة العربية في المغرب!
الخبر الثالث يفيد أن الأردن قرر أن يكون هذا العام عاما للغة العربية في البلاد! مؤكد أن هناك أخبارا سيئة من هذا الطراز لم اقرأها، لكونها، ربما، اقل درامية من تلك الأخبار الثلاثة. أن يبكي مجمع اللغة العربية في القاهرة لغة الضاد، منطلقا من معطيات مصرية وعربية على حال لغتنا في مجتمع اليوم، وان يخرج من كهنوتيته المهنية المغلقة إلى الفضاء الواسع ويخوض في الشأن العام فهذا يعني أن أمرا جللا وقع، أن حالا مؤلمة قد وصلت إليها لغتنا.
ولا يعني إنشاء جمعية لحماية اللغة العربية في ‘’بلد عربي’’ سوى أن تلك اللغة موشكة، شأنها شأن الحيوانات النادرة، على الانقراض. أما أن يخصص بلد عربي، كالأردن، عاما للغة العربية في بلد عربي لا توجد فيه اثنيات غير عربية فهو خبر لا يقل سوءا عن سابقيه. فالطبيعي أن تكون لغة بلد عربي هي العربية وان تكون لغة العام الماضي والعام الحالي والعام المقبل لا أن تستضاف في بيتها كأنها غريبة عنه. لن نعدم من يقول إن هناك مؤامرة غربية على اللغة العربية. نظرية المؤامرة جاهزة. وتلك هي ‘’الشماعة’’ التي نعلق عليها كل إخفاقاتنا. لكن الحقيقة تقول شيئا آخر: إن أهم كنوز التراث العربي ‘’اكتشفها’’ واعاد تقديمها لنا المستشرقون. ألف ليلة وليلة، ذلك الكنز الحكائي الذي فتن العالم كله، لم نكن لندرجه على قائمة قراءاتنا لو لم يقم المستشرقون بالكشف عنه وترجمته الى اللغات الأوروبية. نصوص المتصوفة العظام نبشها المستشرقون. مجامع اللغة العربية الأولى ضمت إليها علماء غربيون في اللغة العربية. واليوم فإننا ندين إلى وجود اللغة العربية على الانترنت إلى جهود ‘’غوغل’’ و’’مايكروسوفت’’. فلولا هاتين الشركتين الأميركيتين لما أمكن لنا ان نحصل على حصتنا من عالم الانترنت، بصرف النظر عن ‘’دوافعهما’’ التي قد تكون، بحسب الكاتب واللغوي العراقي علي القاسمي، تجارية وأمنية.
أين هي المشكلة؟
مشكلة اللغة العربية أولاً وأخيراً مع أهلها. فمن يطالع المناهج الدراسية العربية التأسيسة يكتشف لِمَ تشكو من تراجع وضعف. من يلقي نظرة على المناهج الجامعية يعرف لِمَ يتخرج الطالب الجامعي العربي ركيكا في لغته وركيكا في ‘’اللغات الحية’’. ومن يشاهد التلفزة ويقرأ الصحف ويبحر في الشبكة العنكبوتية يدرك أن هذه اللغة تتردى إلى الحضيض، وركاكة غير مسبوقة .. حتى الكتّاب والشعراء الجدد (كتاب وشعراء الانترنت خصوصا) يبدأون من ‘’اللا لغة’’، ليس بمعنى خفض حدة البلاغة والإنشاء اللذين قد يعيقان حركة المعنى، بل من جهل بمادة ومكونات الوسيط الوحيد الذي يعبرون به: اللغة. هناك جهل عند الكاتبين وهناك تساهل لدى الناشرين. ولا يبدو أن ثمة من يعنيه الأمر.
أظن ان قسما منكم قد تابع برنامج ‘’شاعر المليون’’. تلك عينة كافية لتريكم أي نوع من الشعر وأي نوع من اللغة يشجعهما المال المتحكم اليوم بالمصائر العربية. فهذه الطينة من تلك العجينة.
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[04 - 08 - 2007, 02:58 م]ـ
أخي الأستاذ خالد الشبل، بارك الله فيك وشكر لك غيرتك الحميدة على لغة القرآن وأبقاك ذخرا للعربية ترود رياضها وتحمي حياضها. ولا يأس؛ فالعربية محفوظة من الله بحفظ كتابه الخاتم الناسخ المهيمن، والإقبال عليها في العالم كله في ازدياد، نعم العناية بها في العالم العربي اليوم ضعيف، وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم. لا يأس؛ فهنالك نجوم كثيرة في الظلام الدامس، فلنعمل، فكل ميسر لما خلق له، الحرب عوان والأيام دول، ودواعي التفاؤل أكثر من دواعي اليأس، ونظرة على مواقع العربية على الشابكة وأقسامها في الموسسات التعليمية في العالم وحلقات تدريسها في المساجد والمنازل وكثرة طلابها وعلمائها ومحبيها ووسائل الإعلام الناطقة بها خطأ وصوابا ... تنفي القول بأنها في العناية المركزة، نعم أوضاعها اليوم بشكل عام لا تسر صديقا ولا تسوء عدوا، فهي في أسوأ حالة مر بها في تاريخها. ومع ذلك فهي في صحة جيدة ونشاط مطرد وكفاح مستميت للحياة والتقدم والازدهار، والنتاج العالمي بها اليوم خير دليل على ذلك. ولو حوربت لغة بعشر ما حوربت به لأصبحت أثرا بعد عين، ولكنها عناية الله وحفظه ورعايته وصدق وعده ولطفه بحكمته. والله المستعان.
¥