تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

استخدامه للحيلولة دون الانزلاق بعيدا عن النص كما يفسر الخلاف الحاصل حول بعض الاليات الفقهية الأخرى مثل الاستحسان.

3 – ولما كان الإسلام يقوم في جزء كبير منه على ثوابت هي التي تعطيه جوهره وحقيقته صارت الممارسة النشطة للتفكير القيمي هدما لهذا الجوهر ويعود ذلك بصورة أولى إلى أن الارتكاز على القيم والمفاهيم شديدة التجريد والتعميم لا يمكن أن يترجم في صورة تعاط مع الواقع إلا بواسطة نشاط فاعل للعقل الذي تختلف رؤاه باختلاف الأفراد والتجارب والثقافات والأزمان وهذا يعني أن مجرد الإتفاق في مجموعة من المباديء والمفاهيم الكلية والعامة لا يعني قيام فئة اجتماعية أو فكرية واحدة فحصول الاختلاف في فهم وتمثل المبدأ الواحد يتم في فضاء واسع يتيح الفرصة لنشوء عدد كبير من التمثلات والقراءات المتباينة التي قد تصل إلى حد التناقض الحاد بينها.

ومن هذه الزاوية نستطيع أن ندرك شيئا من القيمة العالية وكذلك الواقعية لمفهومي الأمة والجماعة في الإسلام إذ تحدد الأمة مجال الانتماء الواقعي الذي يتم عبره الانتماء للإسلام في حين يقوم مفهوم الجماعة بمثابة الحارس الذي يحفظ للمسلم هذا الانتماء ويحول دون الانفلات منه وبذلك يمثل المفهومان دعوة للاندماج والتوحد المادي داخل فئة تمارس سلوكيات حياتية متطابقة أو متقاربة. وقد يكون بامكاننا أن نفهم ذلك بالرجوع إلى بعض النصوص الإسلامية ذات العلاقة فعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر مما رواه البخاري في صحيحه قوله صلى الله عليه وآله وسلم (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته).

فالاسلام يطرح نفسه كما ويفهمه أتباعه بوصفه توحدا سلوكيا بين المنتمين اليه في كثير من المسائل الفروعية التي بها يكون المسلم مسلما والتي بها تظهر الأمة والجماعة مكونا حيا على أرض الواقع ويكون هذا طبعا بالاضافة إلى التوحد في مباديء العقيدة ولنا أن نراجع في ذلك دخول بعض مسائل الفروع في كتب العقيدة عند علماء السلف.

ولكل ذلك فإن محاولات الهروب من فضاء الإسلام تمت بدعاوى إسلامية ارتكزت على قيم ومباديء عامة مع ما صاحب هذه الدعاوى من إهدار واضح لقيمة النص في اظهار حقيقة المسألة عن طريق تلافي التعرض لهذا النص أو تجاوزه الى الفكرة الكلية ثم العودة إليه في محاولة لجعله يتوافق مع تلك الفكرة التي صارت هي المرجع الأعلى وكثيرا ما يحاول صاحب مثل هذا المنهج أن يحاجك بقوله متسائلا: فهل يعقل أن الإسلام يخالف هذا؟ أي يخالف الحرية أو كرامة الإنسان مثلا أو غير ذلك من الأفكار العامة التي يكون الركون إليها سببا لتدمير كل البنى الدينية بمحو ما تحمله من خصائص تفرها وتميزها عن غيرها.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير