تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك وصف الصادقين في دعوى البر الذي هو جماع الدين في قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} إلى قوله: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]، وأما المنافقون فوصفهم سبحانه بالكذب في آيات متعددة كقوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10]، وقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1]، وقوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77]. ونحو ذلك في القرآن كثير.

ومما ينبغي أن يعرف: أن الصدق والتصديق يكون في الأقوال وفي الأعمال، كقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما السمع، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي، والقلب يتمنى ويشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه). ويقال: حملوا على العدو حملة صادقة إذا كانت إرادتهم للقتال ثابتة جازمة، ويقال فلان صادق الحب والمودة ونحو ذلك. ولهذا يريدون بالصادق: الصادق في إرادته وقصده وطلبه، وهو الصادق في عمله، ويريدون الصادق في خبره وكلامه، والمنافق ضد المؤمن الصادق، وهو الذي يكون كاذبًا في خبره أو كاذبا في عمله كالمرائى في عمله. قال اللّه تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ} الآيتين [النساء: 142، 143].

وأما الإخلاص فهو حقيقة الإسلام، إذ الإسلام هو: الاستسلام للّه لا لغيره، كما قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ} الآية [الزمر: 29]. فمن لم يستسلم للّه فقد استكبر، ومن استسلم للّّه ولغيرة فقد أشرك، وكل من الكبر والشرك ضد الإسلام، والإسلام ضد الشرك والكبر. ويستعمل لازمًا ومتعديًا كما قال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: 131]، وقال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 112]. وأمثال ذلك في القرآن كثير.

ولهذا كان رأس الإسلام [شهادة أن لا إله إلا اللّه]، وهي متضمنة عبادة اللّه وحده وترك عبادة ما سواه، وهو الإسلام العام الذي لا يقبل اللّه من الأولين والآخرين دينا سواه، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، وقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18، 19].

وهذا الذي ذكرناه، مما يبين أن أصل الدين في الحقيقة: هو الأمور الباطنة من العلوم والأعمال، وأن الأعمال الظاهرة لا تنفع بدونها. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده: (الإسلام عَلانية، والإيمان في القلب)؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الحلال بَيِّن، والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعِرْضِه ودِينهِ ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى اللّّه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب)، وعن أبي هريرة قال: القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده.

ـ[أبو لين]ــــــــ[13 - 07 - 2007, 05:22 ص]ـ

قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الحلال بَيِّن، والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعِرْضِه ودِينهِ ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى اللّّه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب)، وعن أبي هريرة قال: القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده.

نعم أخي الحبيب القلب هو ملك والأعضاء جنود مجندة له فمتى ما صلح القلب صلحت الأعمال فكلٌ مُحاسب على نيته ونسأل الله العظيم أن يُصلح قلوبنا وأن يملأها بالذكر والأستغفار إنّه ولي ذلك والقادر عليه.

أخي العزيز أبا لانا أسأل الله العظيم أن تكون عضوا فاعلا في هذا المنتدى المبارك وأن تُفيدنا ونستفيد منك , وأخيرا أخي سلمت أناملك على هذا الموضوع وبارك فيك ومع إطلالة جديدة لك في هذا المنتدى المبارك بإذن الله تعالى.

وأهلا بك من جديد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير