[ليلة القدر للعلامة أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري]
ـ[صديق حسن خان]ــــــــ[26 - 09 - 2008, 04:15 م]ـ
قال العالم الموسوعي، أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري ـ حفظه الله تعالى:
" اعلموا أن ليلة القدر في رمضان خاصة دون سائر العام، والبرهان على ذلك برهان مركب من نصين كريمين.
قال تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن "، فنزول القرآن في شهر رمضان مقدمة أولى.
وقال تعالى: (إنّا أنزلناه في ليلة القدر "، فهذه مقدمة ثانية: أعني نزول القرآن في ليلة القدر.
النتيجة: أن ليلة القدر في رمضان، لأن القرآن نزل في رمضان، ورمضان عدة ليال، وقد نزل في ليلة القدر.
فصح أن ليلة القدر من ليالي رمضان، وليلة القدر ثابتة إلى يوم القيامة، لايخلو رمضان ما من ليلة القدر.
والبرهان على ذلك عدة أمور:
أولها: أن الله قال عنها (تنزّل الملائكة والروح فيها) ولم يقل تنزّلت.
فصيغة المستقبل (تنزّل) دالة على الديمومة.
وثانيها: إجماع الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك، ولا معنى لأي خلاف بعدهم، بل أجمع على ذلك المحدثون وجمهور الفقهاء.
وثالثها: قال صلى الله عليه وسلم: " ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه ". رواه البخاري وغيره.
فهذا خطاب عام للأمة المحمدية إلى ان تقوم الساعة وينقطع التكليف.
وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرنا بقيام ليلة القدر ولايكون في رمضان ليلة قدر كما زعمت الرافضة وقلة تابعتهم من أهل الرأي.
ورابعها: أن النصوص تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نتحراها في العشر الأواخر من رمضان.
وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرنا بتحري معدوم.
واعلموا ـ أيها الأحباب ـ أن ليلة القدر من مواسم العمر التي لا تعوض لما فيها من فيوض رحمة الله وعفوه وعونه على الاستقامة والثبات.
وإنني لأبكي عمري في سنوات كنت فيها من الغافلين.
والقاعدة للعبد المسلم أن أجره على قدر نصبه.
ولهذا لم يعين الله ليلتها ليحصل الجد في تحريها، وليظهر صدق عبودية من يلتمسها.
ولم يغيب الله علمها بإطلاق رفقاً بعباده ورحمة. وإنما حددها في ليلة مبهمة من عشر ليال آخر الشهر، فليس من الشاق على العبد أن يجتهد في العبادة عشر ليال، ومضمون له أن يوافق ليلة القدر في إحداهن.
واعلموا ـ أيها الأحباب ـ أن المواسم الخيرة تبهم في زمان معين كساعة الإجابة في يوم الجمعة للملمح الذي ذكرته لكم.
واعلموا ـ أيها الأحباب ـ أن الخلاف في تعيين ليلة القدر بلغ أربعين قولا.
وهكذا يكون التشتت في ابتغاء تعيين مالم يقض الله بتعيينه لخلقه.
والذي أوصي به كل مسلم أن يعتقد جازماً بلا تردد أن لا سبيل إلى احتمال أن ليلة القدر في ليلة معينة بأي دلالة شرعية. وأنه لا مطمح للعبد في موافقة ليلة القدر بيقين لا شك فيه إلا إذا اجتهد في العبادة واعتبر كل ليلة من العشر الأواخر ليلة قدر، فها هنا لن يخيب، وسيكون وافق ليلة القدر حتما.
وإنما قلت لا دلالة في نصوص الشرع البتة على أن ليلة القدر في ليلة معينة ـ وإن ورد النص بأنها في الوتر من العشر الأواخر ـ لعدة براهين ضرورية لا محيد عنها:
أولها: أن المسلم لا يعلم بداية العشر الأواخر من رمضان حتى يطلع هلال شوال.
فيحتمل أن يكون الشهر ثلاثين يوما فتكون ليلة واحد وعشرين أولى ليالي العشر الأواخر، وتكون ليالي الوتر ليالي 21، و 23، و25، و27، و 29.
ويحتمل أن يكون الشهر تسعة وعشرين يوما فتكون ليلة عشرين أولى ليالي العشر الأواخر، وتكون ليالي الوتر من ليالي العشر الأواخر ليلة 20، و 22، و 24، و 26، و 28، و30.
وكل هذا لا سبيل إلى العلم به إلّا بعد هلال شوال، والعلم بليالي الوتر بعد ذلك لا ينفع من أضاع ليالي من العشر يحسبها غير وتر فكشف طلوع هلال شوال عن كونها وترا.
فهذا يعني أن تحري ليلة القدر يبدأ من ليلة عشرين إلى طلوع هلال شوال، وهذا أمر غفل عنه علماء العصر، ولم يتعلمه عوام المسلمين الحريصون على تحري ليلة القدر.
وثاني البراهين: أنه لم يرد في الشرع نصب علامة على ليلة القدر تكون في بدايتها، وإنما ورد علامتان في صبيحتها:
¥