تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأملات في ترجمات الكتاب المقدس]

ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[01 - 08 - 2008, 12:37 ص]ـ

[تأملات في ترجمات الكتاب المقدس]

سوف أتأمل في هذا الرابط في الترجمات المختلفة لأسفار الكتاب المقدس (العهدين القديم والجديد)، العربية وغيرها. وأبدأ بما جاء في سفر المزامير، المزمور 29، الآية الأولى:

???????? ???????: ????? ??????? ?????? ?????? ????? ??????? ??????? ????.

النقحرة: مِزْمُورْ لِدَوِيد: هَبوا ليهوه بْنِي إِيلِيم! هَبوا ليهوه كَبُود وعُز.

الترجمة الحرفية: "قَدِّمُوا لِيَهْوه، يا بَنِي الآلهة! قَدِّمُوا لِيَهْوَه مَجْدًا وَعِزًّا".

ترجمة فان دايك العربية:

"قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا أَبْنَاءَ اللهِ، قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَعِزًّا".

وهذه ترجمة لا تصح لأن ?????? ?????? = /بْنِي إِيلِيم/ تعني ببساطة مطلقة "أبناء الآلهة" وليس "أبناء الله" .. ولو كانت تعني "أبناء الله" لقال صاحب المزمور: ?????? ??????? = /بْنِي إلوهيم/، الذي يترجم باضطراد على أنه الله، أما ?????? ?????? = /بْنِي إِيلِيم/ فلا تخريج لها إلا بـ "أبناء الآلهة"! فالمزمور يخاطب المُخاطَبين هنا بـ "أبناء الآلهة" وليس بـ "أبناء الله" على المجاز في القول كما أراد مترجم العهد القديم إلى العربية أن يوحي بذلك، ذلك لأن ?????? = /إِيلِيم/ هذه هي جمع ?? = /إل/ كما تقدم، وأن هذه الأخيرة تعني ـ حسب كل المعاجم العبرية والسامية ـ وببساطة شديدة، "إله"، فيكون معنى ?????? ?????? = /بْنِي إِيلِيم/ "أبناء الآلهة" وليس غير ذلك.

ولا يمكن تخريج هذه المشكلة اللاهوتية العويصة على أنها "جمع جلالة" ( pluralis majestatis) لأن جمع الجلالة يشمل الضمائر والأفعال المسندة إليها ولكنه لا يشمل بحال من الأحوال الأسماء فلا يقال قط ولا في أية لغة: "نحن، فلان الفلاني، ملوك المملكة الفلانية، نصدر المرسوم التالي"، لأن العرف في جمع الجلالة هو أن يقال: "نحن، فلان الفلاني، ملك المملكة الفلانية، نصدر المرسوم التالي"! وأعتقد أن التفسير المنطقي الوحيد لهذه المشكلة اللاهوتية العويصة يجب أن يُبحَث عنه في ارتداد بني إسرائيل إلى الشرك بعد عبادتهم العجل في سيناء، لأنهم كانوا على التوحيد على زمان النبي إبراهيم عليه السلام، واستمروا عليه حتى زمان النبي موسى عليه السلام، ثم ارتدوا في سيناء، ثم عادوا إلى التوحيد من جديد، وهذا كله موجود في التوراة التي بأيدينا اليوم (سفر الخروج). وبما أن التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام غير موجودة اليوم بنصها الأصلي، وأن نص التوراة الحالي تم تقنينه ـ بإجماع اليهود والنصارى ـ بعد السبي البابلي في القرن السادس قبل الميلاد (ثم قنن للمرة الأخيرة في اجتماع الأحبار في مدينة يامنة في تركيا القرن الأول بعد الميلاد أي بعد ظهور ديانة جديدة)، فإن شيئاً لا يحول دون الاعتقاد أن اليهود تشبعوا بالشرك في بلاد بابل وآشور إبان السبي البابلي، خصوصاً وأنهم كانوا ارتدوا إلى الشرك في حياة موسى عليه السلام، وهو بين ظهرانيهم في سيناء، فما الذي يمنع من ارتدادهم إلى الشرك بعد موته بألف عام؟! إن تشبعاً بالشرك كهذا الذي أراه وأعتقده هو الذي جعلهم يجمعون اسم الإله المعبود بحق عندهم على /إلوهيم/، إذ لا يعقل أن يُعتَقَد أن جمعاً كهذا كان على أيام كليم الله موسى عليه السلام. ومن الثابت قطعاً لا تخميناً أن النص العبري للتوراة كان في مرحلة ما إبان السبي البابلي يورد الأفعال التي كان جمعُ الإله على /إلوهيم/ يرد فاعلاً لها بصيغ الجمع مثل لغة "أكلوني البراغيث"، وأن الصفة في العبرية تتبع الموصوف في جميع حالاته (مثل العربية)، بحيث ينعت المفرد بالمفرد والجمع بالجمع. إلا أن التقنين الأول الذي أجري على نص العهد القديم في القرن الخامس قبل الميلاد استبدل باضطراد صيغة الجمع في الأفعال الواردة مع /إلوهيم/ بصيغة المفرد على أساس أن /إلوهيم/ لفظ مفرد، وجعل النعت الذي يجيء بعد /إلوهيم) مفرداً. ومن الجدير بالذكر أن نص العهد القديم خضع لتقنين ثان في نهاية القرن الأول بعد الميلاد وهو التقنين الذي أثبتت مخطوطات البحر الميت أنه تم نتيجة لظهور المسيحية التي فسرت زمان "العهد القديم" ـ وهو العهد الذي اصطفى الله فيه آل إسرائيل ـ على أنه عهد يمهد لظهور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير