تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تأملوا معي طبقة النهار الرقيقة التي تحيط بالأرض، ومن فوقها الليل وعلى يمينها الليل وعلى يسارها الليل، وهذا ما عبر عنه القرآن بقوله (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا) [الأعراف: 54]. فالليل هو الذي يغشى النهار من كل جانب، وطبقة النهار هي طبقة رقيقة جداً مقارنة بقطر الأرض (واحد من مئة من قطر الأرض). ولذلك فإن هذه الطبقة من النهار تبدو مثل قشرة رقيقة تنسلخ من الظلام الذي يغلفها من كل جانب! وهذا ما حدثنا عنه القرآن: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ) [يس: 37].

إيضاحات

1 - إن القرآن لا يشير إلى ثبات الأرض أبداً، والآيات التي تتحدث عن جريان الشمس والقمر لا تعني أن الأرض ثابتة.

2 - إن حجم الأرض بالنسبة للكون ضئيل جداً أشبه بذرة غبار! ولذلك فهي مثل بقية الأجسام الكونية تسبح وتدور، ولا يوجد شيء ثابت في الكون، وهذه حقيقة يقينية لا ريب فيها.

3 - لا يجوز أن نكفِّر من يعتقد أن الأرض ثابتة أو أن الأرض تدور، أو أن الشمس ثابتة أو تدور، لأن تفسير الآيات الكونية في القرآن هو اجتهاد قد يصيب أو يخطئ، أما العقيدة فهي شيء ثابت، ولكن ينبغي على الإنسان أن يجتهد ليصل إلى الحقيقة استجابة لقول الحق: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [آل عمران: 191].

4 - إن فهمنا لآيات الإعجاز العلمي في القرآن لابد أن يعتمد على ما توصل إليه العلم من معارف واكتشافات وحقائق، ولا يجوز أن نفسر الآيات الكونية بالاعتماد على اللغة فقط! لابد من الاطلاع على مبادئ علم الفلك وحقائقه اليقينية. وأقول: سبحان الله! كيف يأتي عالم مسلم ليدحض حقيقة في علم الفلك ولم يكلِّف نفسه سهر ليلة في مرصد، أو سؤال أحد الاختصاصيين، أو دراسة مبادئ هذا العلم؟ ثم يحكم على حقيقة كونية بالبطلان لمجرد أنها تخالف فهمه للآية، وبالتأكيد لا تخالف الآية، بل ما فهمه من الآية هو الذي يتناقض مع الحقيقة العلمية.

ونصيحتي لكل أخ مؤمن يعتقد أن الأرض ثابتة أو أن الشمس هي التي تدور حولها أو لديه أي فكرة تناقض العلم، وأنا أعلم أن دافعه لهذا الاعتقاد هو حرصه على كتاب الله، ولكن الحرص على كتاب الله يقتضي أن نتعمق في الكون ثم نفسر الآيات الكونية، وأن نتعمق في الجيولوجيا ثم نفسر آيات الجبال، وأن نتعمق في الطب ثم نفسر آيات خلق الجنين وهكذا، نصيحتي له أن يدرس مبادئ علم الفلك، أو على الأقل يطلع على أبحاث الإعجاز العلمي في مجال الفلك، وبذلك نكون قد بنينا إيماننا على أساس علمي متين لكي لا نترك مجالاً لأي ملحد أن يستغل ما نقوله للطعن في هذا الدين الحنيف.

5 - ينبغي أن نعتقد أن القرآن هو الأساس والعلم تابع له، فإذا ما حدث تناقض بين حقيقة كونية وآية قرآنية، فيكون لدينا احتمالان: إما أن تكون الحقيقة الكونية غير صحيحة، أو أن يكون تفسيرنا وفهمنا للآية غير صحيح، ولذلك يجب علينا وقتها أن نتعمق في العلم ونحاول فهم الآية على ضوء العلم، دون أن نلوي أعناق النص القرآني ونحمل الآية غير ما تحتمل من المعاني لتتفق مع الحقيقة العلمية.

وإذا تعذر علينا فهم الآية في ضوء العلم، تبقى الآية هي الأساس المطلق، ونقول كما علمنا الله: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) [آل عمران: 7]. ولا يجوز أبداً أن نؤوّل النص القرآني ليتفق مع نظرية أو حتى حقيقة علمية إذا كانت تخالف ظاهر القرآن. ومن تجربتي مع القرآن منذ أكثر من عشرين عاماً وحتى هذه اللحظة، لم أجد آية واحدة تناقض حقيقة علمية يقينية، بل ربما يحدث التناقض بين تفسير آية ونظرية علمية، وهذا قليل جداً، وسرعان ما تأتي الاكتشافات الحديثة لتثبت صدق كلام الحق تبارك وتعالى وتفوّقه على العلم.

وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ

نقلا عن موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن و السنة ( http://www.55a.net/firas/arabic/)

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 02:39 م]ـ

جزاك الله خيرا .. ونفع بعلمك ..

ـ[بلاغة الروح]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 03:16 م]ـ

ما أجمله من موضوع مدعم بالآيات القرآنية والصور الجميلة ... !!

سبحان الله!!

أذهلتني صورة إطباق الليل على النهار، ومطابقتها للآية الكريمة،،

جزاك الله خيرا،،

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 03:22 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة

موضوعٌ قيمٌ جعله الله في ميزان حسنات

من كتبه ومن نقله بالنسبة لتلك المعتقدات

او النظريات التي بها كثيرا من الخطأ

والتى لم يحالف فيها الحظ أكثر العلماء

الذي يعتقدون بغير ما ورد في القرآن

فهؤلاء بكل زمان ومكان أخيتي الكريمة

ولا ينتهون ولكن في الأخير يخرج علينا الحق

بالحجة والبرهان المُبين فيبطل حجج هؤلاء.

بالنسبة للموضوع كمنهجية علمية أو مرجع

فعلينا أن ناخذ في الاعتبار أنه

كان يحتاج بعضاً من التصريف فهناك تكرار

لبعض النصوص كذلك فقدان الحنكة الكتابية لتلخيص

وتقليص المادة العلمية وإيجازها في أسطر لأن تلك مادة

علمية في مقال وليس برنامج تلفزيوني وتلك العوامل جميعاً

قد تؤدي في أغلب الإحيان إلى أن يمل القارىء منه سريعاً.

بوركَ فيكِ مرة أخرى وجزاك الله خير الجزاء المادة العلمية

للموضوع شيقة للغاية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير