[من أمهات بني آدم!!]
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 10 - 2008, 07:25 ص]ـ
من أمهات بني آدم:
أم الشافعي رحمه الله:
كانت أم أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رحمه الله، امرأة أزدية، وضعته في غزة، سنة 150 هـ، فلما بلغ العاشرة، جهزته ليرحل إلى مكة، ليلحق بأهل أبيه القرشيين المطلبيين فلا يضيع هذا النسب الشريف في بيداء فلسطين، كما ذكر ذلك الخطيب، رحمه الله، في "تاريخ بغداد"، فكان أن رحل إمامنا إلى مكة، مهبط الوحي، فأكب على طلب الشعر ابتداء، والعلم انتهاء، فلزم شيوخ مكة من أمثال: مسلم بن خالد الزنجي، رحمه الله، الذي أذن له في الفتيا، وسفيان بن عيينة، إمام مكة آنذاك، وفي "معرفة السنن والآثار"، للبيهقي، رحمه الله، حامل لواء الشافعية في زمانه: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو حميد أحمد بن إبراهيم الحنظلي بالطابران قال: حدثنا أبو عبد الله الشافعي قال: أخبرنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا أبو بكر الحميدي قال: سمعت مسلم بن خالد يقول للشافعي أفت يا أبا عبد الله، فقد آن لك أن تفتي قال وكان ابن خمس عشرة سنة.
ثم رحل إلى مالك، رحمه الله، فقرأ عليه الموطأ، وأخذ عنه، فكان أبو عبد الله، ناصر السنة، خريج هذه الأم ذات العقل والفضل، التي تجشمت عناء السفر، مع خصاصة كانت بها، لينشأ ذلك الوليد في أرض الحجاز، إماما سارت بذكره الركبان.
ولحبر فارس: أبي حنيفة، إمام أهل الرأي، أم أخرجت إلى الدنيا: تاجرا شريفا، وعالما جليلا، ذكر المكي، في "مناقب أبي حنيفة"، أنها اغتمت غما شديدا، لما علمت ما نال ابنها في حبس ابن هبيرة الذي أوجع إمامنا ضربا حتى تورم رأسه، فلم تلن له قناة، حتى علم ما نالها من غم، فاشتدت آلامه، وبلغ منه الهم مبلغه، وهكذا، العظماء، كما يقول الشيخ محمد أبو زهرة، رحمه الله، لا يبالون بما ينالهم من أذى في سبيل نصرة الدين، فإذا ما تعدى الأمر إلى أحبائهم نالهم من الكرب ما نالهم، وهو أمر مشاهد في كل زمان.
ولمالك، نجم السنن، رحمه الله، أم ألبسته أحسن الثياب، وعممته، وقالت له: اذهب الى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه، وفي "تنوير الحوالك": "وأما مبدأ طلبه العلم ومبلغ إقباله عليه: فقد قال الإمام رضي الله عنه قلت لأمي: أذهب فأكتب العلم؟، فقالت: تعال فالبس ثياب العلم فألبستني ثيابا مشمرة ووضعت الطويلة وهي شبيهة بالقلنسوة على رأسي وعممتني فوقها ثم قالت: اذهب فاكتب الآن.
قال رضي الله عنه: وكانت تقول اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه وهذا حال امرأة من فضليات النساء وصالحاتهن". اهـ
ولأبي عبد الله، أحمد بن حنبل، إمام أهل السنة، أم شريفة النسب، من بني شيبان، كان أبوها، كما يقول الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله، جوادا كريما، قد فتح بابه للعرب، تنزل عليه القبائل فيضيفها.
تولت تلك الشيبانية الشريفة تربية إمامنا بعد وفاة والده شابا في الثلاثين، فدفعته دفعا إلى طلب العلم، فكانت تشجعه وترشده وتدعوه إلى الرفق بنفسه، إن وجدت منه إرهاقا لنفسه في الطلب، وفي "سير أعلام النبلاء": "وقال عبد الله: سمعت أبي، يقول: ربما أردت البكور في الحديث، فتأخذ أمي بثوبي، وتقول: حتى يؤذن المؤذن". اهـ
همة صغير متحفز وحكمة كبير مجرب: أخرجت لنا بطل المحنة: إمام أهل السنة: أحمد بن حنبل.
ولما سئل صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، عن سر بغضه للصليبيين عزاه لأمه التي لقنته عقيدة الولاء والبراء، فنشأ مبغضا للكفر وأهله، ولم يمنعه ذلك أن يحسن معاملة عدوه، ولو كان معتديا باغيا، بل بالغ في ذلك حتى استدرك عليه ذلك من استدرك من المؤرخين، لاسيما في واقعة مرض ريتشارد قلب الأسد، ملك الإنجليز الغادر الذي قتل نحو 3000 أسير مسلم في عكا بعد إعطائهم الأمان، فقد بعث إليه صلاح الدين من يطببه، وبعث إليه هدية من الثلج والفاكهة، وكان الأولى به أن يبعث له من يقتله ثأرا لقتلى المسلمين الذين غدر بهم، فهو معتد باغ لا عهد له ولا ذمة ليحقن دمه أو يبر بهدية أو علاج.
¥