بلاغة الحجّاج الثقفي ومن حوله"الجزء الأول "
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[05 - 12 - 2008, 07:27 ص]ـ
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا آل فصيح.,
الآن مع الرجل الذي قد جُمعت فيه كل المُتناقضات الخير والشر الظلم والعدل.,
الوفاء والغدر العفو والقتل وما كان كاذباً وقد كان بليغاً فصيح اللسان وإني.,
قد لامست ناراً فيه وماء.,
بركاناً وثلجاً وفيه اجتمعت البحار والأنهار العذب النقي والأجاج العتي.,
ولأن التاريخ قد أظهر الحق فيه حيث مال إليه البعض وبغضه البعض ولعنه البعض وأحبه البعض فهو القاتل الشره المحب للدماء والأمير الذي أخمد الفتن
بذكاء ودهاء وهو المُحب للعلم وأهله رغم قتله لبعضهم.,.,
وإني إذ أقدمت على هذا العمل لا حباً في الرجل ولا بغضاً إنما استعراضاً لهذا الرجل الذي قد انتشرت على يديه قواعد الخلافة الإسلامية الأموية وقد فتح في عهده فتوحات ما شهدها عصرٌ غير عصر الحجاج هذا بالإضافة لبلاغته وفصاحته وقد قال عنه أبو عمرو بن العلاء: "ما رأيت أفصح من الحسن البصري، ومن الحجاج"،
وأيضاً ما أورده الإمام الشافعي
: بلغني أن عبد الملك بن مروان قال للحجاج: ما من أحد إلا وهو عارف بعيوب نفسه فعب نفسك ولا تخبأ منها شيئًا.
قال: يا أمير المؤمنين أنا لجوج حقود.
فقال له عبد الملك: إذًا بينك وبين إبليس نسب.
فقال: إن الشيطان إذا رآني سالمني.,
وقد قال فيه الحسن البصري
إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإنه تعالى يقول ((وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ))، سورة المؤمنون آية 76.
وقد قالت له السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها
سمعنا رسول الله يقول أنه يخرج من ثقيف رجلان، الكذاب والمبير. وأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فلا أظنه سواك.
ونحن هَهُنا سنستعرض من إرث هذا الرجل المقدام بلاغته وفصاحته فحسب ولن نسلط الضوء على حياته السياسية فنبتعد بهذا عن القيل والقال وكثرة السؤال والجدال لأن الرجل بين يدي ربه الآن وهو وحده أعلم بشأنه ونحن عبادٌ مثله ولا يُمكن لأحد أن يَتأوَّل على الله هل الحجاج في الجنة أم في النار.,
وقد قال فيه العلماء رأياً قاطعاً حاسماً دون لغط أو سخط وهو قولاً راجحاً ويكفينا الاستشهاد به
قال الإمام الذهبي فيه: كان ظلوماً، جباراً خبيثاً سفاكاً للدماء وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء، وفصاحة وبلاغة، وتعظيم للقرآن ... إلى ان قال: فنسبهُ ولا نحبه، بل نبغضه في الله، فإن ذلك من أوثق عرى الايمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبهِ، وأمره الى الله وله توحيد في الجٌملة، ونظراء من ظلمة الجبابرة الامراء.
قال ابن كثير فيه: كان فيه شهامة عظيمة وفي سيفه رهق (الهلاك والظلم)، وكان يغضب غضب الملوك ... وقال أيضاً: وكان جباراً عنيداً مقداماً على سفك الدماء بأدنى شبهة، وقد روي عنه ألفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر، فإن كان قد تاب منها وأقلع عنها، وإلا فهو باق في عهدتها ولكن يخشى أنها رويت عنه بنوع من زيادة عليه ... ،وكان يكثر تلاوه القرآن ويتجنب المحارم، ولم يُشتر عنه شيء من التلطخ بالفروج، (يقصد بهِ الزنا)، وإن كان متسرعاً في سفك الدماء.
فلا "نكفر "الحجاج،" ولا نمدحه"،
وقد كان عمر ابن عبد العزيز رحمة الله عليه على ورعه وزهده وتقواه كان يغبط الحجاج بن يوسف على كلمة حكيمة قالها قبل وفاته "اللهم اغفر لي فإنهم يزعمون أنك لا تفعل"
مَن الحجّاج؟.,
هو الحجاج أو "كُليب كما كان يُنادى من قبل أباه" بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف أبو محمد الثقفي.,
في الطائف كان مولده سنة (41 هـ = 661م)،
ونشأ بين أسرة كريمة من بيوت ثقيف، وكان أبوه رجلا تقيًّا على جانب من العلم والفضل، وقضى معظم حياته في الطائف، يعلم أبناءها القرآن الكريم
دون أن يتخذ ذلك حرفة أو يأخذ عليه أجرا.
حفظ الحجاج القرآن على يد أبيه ثم تردد على حلقات أئمة العلم من الصحابة والتابعين، مثل: عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، ثم اشتغل وهو في بداية حياته بتعليم الصبيان، شأنه في ذلك شأن أبيه.
¥