تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[استيقظ أيها العالم, نحن في حرب]

ـ[ضاد]ــــــــ[15 - 10 - 2008, 07:33 م]ـ

المقال طويل ولكنه مفيد. وصلني على بريدي.

استيقظ أيها العالم؛ نحن في حرب

د. أكرم حجازي

8/ 10/2008

إذا كان هناك أزمة مالية في العالم فلأنها حرب عالمية وليست مجرد أزمة تضرب النظام الاقتصادي الرأسمالي برمته ابتداء من رأس المال وانتهاء بالعقيدة اللبرالية وكل منتجاتها من قيم ومفاهيم ومصطلحات ومعتقدات وموجودات مادية أو معنوية، ولأنها منظومة ربوية شيطانية غير قابلة للحياة إلا لأمد معين لا بد أن يحين أجلها. وها هو الأجل قد حان، وها هي الأصوات تتعالى، شرقا وغربا، أن لا بديل عن النظام الاقتصادي الإسلامي بوصفه الوحيد الذي يحول دون الانهيار والدمار.

وفي سياق الأزمة الراهنة تستحضرنا قصة الأديب الإنجليزي الشهير وليام شكسبير في تاجر البندقية حين فضح العقلية الربوية الجشعة لليهود. وجوهر القصة أن تاجرا من مدينة البندقية (فينيسيا) وقع في أزمة تمويل لتجارته عبر البحار فاستنجد بتاجر يهودي ليقرضه مبلغا من المال. أما اليهودي فاشترط في عقد الإقراض بندا يضمن فيه حقه في الدَّيْن في حالة فشل التاجر سداد ما عليه في الوقت المحدد. أما البند فيقضي بحق اليهودي أن ينتزع قلب التاجر إذا عجز عن السداد لما يحين أوانه. ووافق التاجر الذي تأخرت تجارته عن موعدها بيوم أو يومين، فما كان من اليهودي إلا أن تقدم للمحكمة مطالبا بالدين. وكاد القاضي يحكم لصالح اليهودي بموجب العقد بين الطرفين، ولم تنفع كل الوساطات والمداخلات لثني اليهودي عن إشباع رغبته العدوانية، وفي وسط المعمعة تدخل محامي (محامية)، متنكرا، ليوضح للقاضي أنه لا يمانع في تطبيق الاتفاق الوارد في العقد بشرط انتزاع قلب التاجر فقط دون إسالة قطرة دم واحدة! وبهذه الطريقة فقط نجا التاجر.

في نعومة أظفارنا كانوا يقولون لنا أن الربا هو أن أعطيك دينارا وترده لي بعد عام دينارين، لكنهم لم يعلمونا إياه بوصفه قيمة شريرة يمكن أن تتولد عنها منظومة حياة تأكل الأخضر واليابس، وأنها تنذر بشرّ مستطير، وأنه لا بد أن تمحق من جذورها قبل أن تستفحل وتمحقنا. لهذا قَلّ من تَجنّب الوقوع في الربا رغم أننا لو تتبعنا آياته في القرآن فسنجد أنها وردت مقرونة بالتوبة أو الحرب أو العذاب أو المحق في الدنيا قبل الآخرة. أما الأحاديث النبوية فحدث ما استطعت. فقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المتعامل بأقل درجات الربا كناكح أمه تحت ستار الكعبة، وحين سئل صلى الله عليه وسلم عن الحلال؟ قال: يذهب. قالوا: والحرام؟ قال: هو وأهله. هذه هي سنة الله في خلقه. فحتى الحلال يذهب فكيف بالحرام؟

لكن هل تتقبل عقلية المرابين الكف عن الجشع والاعتراف بحقوق الغير للخروج من هذا المأزق الذي أوصلوا البشرية إليه؟ أكاد أجزم أنه من المستحيل عليهم أن يتداركوا الأمر، فهم لم يفعلوا ذلك منذ فجر تاريخهم ولن يفعلوه اليوم ولن يفعلوه غدا. ولا ريب أن مثل هؤلاء القوم وهذه العقلية وهذا النظام الذي صنعوه أقرب ما يكون إلى العقلية الفرعونية وفتنة السامريّ. هذه العقلية انتهت بحرب من الله ورسوله، وانشق البحر، وانهار الفرعون وأغرق جيشه ونجا موسى عليه السلام ومن معه. وكما علا فرعون في الأرض علت أمريكا فضلت وأضلت معها خلقا كثيرا، وفسدت وعاثت في الأرض الفساد، وها هي الأزمة تضرب العالم من أقصاه إلى أقصاه، ولم يعد ثمة فرد إلا وهو مستعبد، ولا دولة إلا وطالها الشرر، وما من مؤسسة إلا ويشوبها الخوف والرعب من القادم، والكل يترقب ويتهيأ للأسوأ.

لنتعمق قليلا في تداعيات الأزمة على الناس خاصة في اللحظة التي ستعقب انهيار الدولار. فالتدخل الحكومي الأمريكي هو تدخل لصالح كبار المرابين واللصوص والفاسدين، وكل ما فعلوه لا يتعدى حقيقة كسب الوقت لترتيب أوضاعهم والخروج ببعض المكاسب قبل الانهيار التام. وبدلا من معالجة المشكلة شرعوا بعقد المزيد من صفقات الفساد والسمسرة والابتزاز فيما بينهم بعد أن أفقروا الناس وسرقوا مواردهم وثرواتهم وثروات بلادهم ماضيا وحاضرا ومستقبلا حتى بدؤوا يسرقون أنفسهم. ومن الطريف حقا أن يفرض هؤلاء اللصوص على الدول الفقيرة التي لا تساوي دبوسا في حجم الاقتصاد العالمي التخلص من القطاع العام فيما هم يقومون بتأميم القطاعات الخاصة أو،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير