تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أنا .. وسمير العلم .. والفصيح]

ـ[عادل بن أحمد باناعمة]ــــــــ[30 - 10 - 2008, 09:11 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

كانت ليلةً مباركة تلك التي جمعتني بسمير العلمِ بعد طول افتراق، ليلة أذاقتني طعم قول المجنون:

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن ألا تلاقيا!

كان سميرُ العلم – نضّر الله وجهه – أستاذي مذ كنتُ في أوائل المتوسطةِ أهذي بما أسميه شعراً ويسميه العارفونَ عَبثاً، وكان هو يومها ملء سمعنا وبصرنا شعراً وبراعةً.

وما كنتُ أحسبهُ والشعرَ وهو يعالجُهُ في سنِّ الفتاءِ إلا امرأ القيس إذْ يُنشدُ:

أذودُ القوافي عني ذيادا ... ذيادَ غلامٍ جريءٍ جوادا

فلما كثرنَ وعنَّيْنَهُ ... تخيَّر منهنَّ شتّى جيادا

فأعزلُ مرجانها جانبا .. وآخُذُ من درِّها المستجادا

وأتذكر أنّه أرسل إذْ هو في المرحلة الثانوية أبياتاً لمجلةِ المجتمعِ الكويتية، فلما رآها سدنةُ بريد القراء استعظموا مثلها على مثلِِهِ، وما ظنّوه إلا واغلاً على شعرِ غيرِهِ والغاً فيه، متشبعاً بما لم يُعطَ، فكتبوا يعظونه ألا يأخذَ من غيرِهِ ولا يقتبس، وألا يسطو أ و يختلس، وأن يعوّل على نفسِهِ إلى أن يشتدَّ عودُهُ، ويستمرَّ مريرُهُ، فلما قرأ ما سطروا انفجر غاضباً وأرسل إليهم يقول:

أخبَروا أنَّ الذي قد قلتُهُ ... من بديع الشعر لا يحوي هراءْ

حينما أثنوا وقالوا: إنه ... ثابت المعنى ومشدودُ البناءْ

سُرَّ قلبي ورأى تشجيعهم ... خطوةً أولى ليرقى في السماءْ

مادرى أن الذي قد سطروا ... توَّج المدحَ بظلمِ الادّعاءْ!

زعموني لم أقل ما قلتُهُ!! ... ورموني باقتراضٍ وافتراءْ!!

أولمّا يعلموا أنّ الذي ... نظم الشعر سليل العظماءْ

قد تلقّى الصدق من أجداده ... واستقاه من معين الأنبياءْ

هذه شكواي أبدو عاتباً ... في محياها ولكن لي رجاءْ

أن يرى قولي عتاباً من أخٍ ... صادق اللهجة لا يخفي عداءْ

هذه ما خطّه سميرُ العلمِ وهو في أوائل الثانوية إذْ أضرابُهُ يعجزُ أحدهم عن كتابة سطرين يسلمانِ من غضبةِ سيبويه، أو نظمِ بيتينِ لا يُعْوِلُ إذا قرأهما الخليلُ.

ومرّتِ الأيامُ وهذا السميرُ لا يزداد إلا سموّاً ..

ولو ذكرتُ بعضَ ما اشتهرَ بعد ذلك من بديعِهِ لكشفتُ من حقيقةِ شخصِهِ ما أراد إخفاءَهُ، وجلوتُ من صريح اسمِهِ ما جعلَ (السميرَ) غطاءَه.

ولكن دعوني أثبتْ هنا بعضَ ما علق بذهني من نقيِّ قولِهِ، وحرِّ لفظِهِ.

قال ذات عيد:

هنيئاً لك العيدُ يوماً سعيدا ... وكان لقائي بك اليوم عيدا

فهذان عيدان عيد الأنام ... وعيد اللقاء فسوقوا النشيدا

نما حبكم فاستوى في فؤادي ... وقد كان بالأمسِ حباً وليدا

وقال في معنى الأخوة الصادقةِ:

هذا النسيمُ يليقُ بي ... إذْ كان ما تتنسّمُ

يذرو الهوى شعراً وأشعرُ أن قلبك يعلمُ

فكأننا طيرانِ أفهم ما تقول وتفهمُ!

وقال ذات صباح:

صباح الورد منثوراً على أبوابِ من نهواهْ

ويومٌ يرسم النورَ ابتساماتٍ على الأفواهْ

ولستُ بناسٍ ليلةً من عام 1408هـ شرّفنا فيها الأستاذ الكبير عمر بهاء الدين الأميري - رحمه الله! - ضيفاً .. وألقى من درره ولطائفه ماشاء الله له أن يلقي .. ثم رقي إلى المنصةِ أستاذُنا سميرُ العلم وكان مايزال يومها في دراسته الجامعيةِ فهزَّ الجمعَ بفريدةٍ من فرائِدِه حيّا بها الانتفاضة الفسطينية الأولى وهي إذ ذاك في أوجها، وحسبكم أن تقرؤوا منها قوله:

فلسطينُ هذا بنوك استشاطوا .. وشقوا إلى مجتلاك القتاما

وما فيهمُ غير شبل لليث .. وليثٍ لشعبٍ توقّد جاما

أراد له البغي أن ينثي .. رجوعا ويحمل سيفا كهاما

فخيّب ظنّ الألى أرجفوا .. وسل على الظالمين الحساما

وما كنتُ أحسبُ أنَّ الزمانَ يخبئُ تحت الرماد الضراما!!

وما كنت أحسب أن الحجارة ترفع هاماً وتخفض هاما!!

إلى أن رأيت فلم أصطبر .. ولم أمتلك لشؤوني زماما

رفيقةَ شمسِ العلى أقبلي .. وردي على شفتيك ابتساما

لنبصر جيلاً سما للمعالي وبالصيد أجداده قد تسامى

وهي طويلة!: d[ سلو سمير العلم عن سرّ (وهي طويلة):)]

أعود إلى ما كنتُ قد بدأت به من خبر اللقاء الذي قادني إلى الفصيح ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير