تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وصفة سحرية للفصاحة للدكتور علي الحارثي .....]

ـ[أم أسامة]ــــــــ[25 - 11 - 2008, 05:21 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله ..

هذه الوصفة السحرية للفصاحة أوردها لنا دكتورنا الكريم علي الحارثي في نافذة عضو في ورطة .. جعلها الله في ميزان حسناته

ولما أرى فيها من الفائدة أثرت وضعها في موضوع مستقل

..........................................................

:::

وصفتان للفصاحة

الوصفات السريعة كالوجبات السريعة في كلِّ شيء (ابتسامة).و إدارك الفصاحة ليس بالأمرِ الهيّن, لكنّي سأذكر لكم برنامجًا مُفَصَّلًّا للفصاحة, ثُمّ أُلخِّصُ منه وصفةً سحريّةً سريعةً؛ ليجد كلٌّ حاجتَه؛ و يأخذ منها بحسب عزمِه و هِمَّتِه:

البرنامجُ المُفَصَّلُ للفصاحة

1 - الموهبة الفطرية:

و هذه يتفاوت النّاس فيها؛فيكون ما يحصّلون بها من الأسباب الأخرى ـ على قدر مواهبهم و حظوظهم الغريزية. ثم يكون لهم ما يكون من زيادة تلك الموهبة واكتساب أقدار من الفصاحة فوق ما وُهبِوا. ومعنى هذا أنّ الفصاحة لها مصدران: أحدهما فطريٌ, و الآخر مُكتسب؛ فمن فاتته قوّةُ الموهبة لم تفُتْهُ قوة الاكتساب و تكوين الآلة.

2 - تكوين الفصيح:

و رائدُ ذلك الحرصُ و الاجتهادُ؛ وأهمُّ ما هنالك:

1 - اعتيادُ القراءة.

2 - و إدمانُ مصاحبةِ الكلامِ الفصيحِ العالي و التشبّعِ بآثار الفصحاء؛ حتى تجري على لسان البليغ عادةً لا تكلُّفًا, فتجري في طبعه ألفاظهم, وتدور في مخيّلته صورُ تراكيبهم, وتنطبعُ في نفسه أساليبُهم؛ فإنْ فعلَ ذلك لم يلبث أن ينسج على منوالهم, و أنْ يتّصلَ حبلُ فصاحتِه بحبالهم؛ يقول ابن رشيق في هذا الباب: " وجدنا الشاعرَ من المطبوعين المتقدمين يَفضُلُ أصحابَهُ برواية الشعر و معرفةِ الأخبارِ, و التَّلْمَذَةِ لمن فوقه من الشعراء , فيقولون: فلانٌ شاعرٌ راويةٌ؛يريدون أنّه إذا كان راويةً عَرفَ المقاصدَ , و سَهُلَ عليه مأخذُ الشعر و لمْ يضق به المذهبُ, وإذا كان مطبوعًا لا علمَ له و لا رواية = ضَلَّ و اهتدى من حيث لا يَعلم , و ربما طَلبَ المعنى فلم يصل إليه, و هو ماثلٌ بين يديه! لضعف آلته". و يقول: " لا يصير الشاعر في قريض الشعر فحلًا حتى يروي أشعار العرب, و يسمع الأخبار, و يعرف المعاني, و تدور في مسامعه الألفاظ".

و يقول أبو هلال العسكري: " و من لم يكن راوية لأشعار العرب تبيَّنَ النَّقصُ في صناعته".

معنى دوران الألفاظ في الأسماع

و عبارة " تدور في مسامعه الألفاظ " عبارة جليلةٌ لها أثرٌ كبيرٌ في قوّة الفصاحة و البيان و الشعر؛ ذلك أنّ مَثَل الألفاظ مفردةً و مركبةً كمَثَل النّاس؛ فمنهم مألوفٌ و بعيدٌ غريبٌ؛ فالألفاظ التي تدور في الأسماع بهذا الوصف أشبه بالنّاس الذين طال إلفنا بهم و دامت صحبتنا لهم؛ حتى عرفنا خباياهم و زواياهم , فلا يجري في الخاطر أن يغيبوا عن الأذهان, و الألفاظ التي نهجرها فلا تدور في الخواطر و الأسماع أشبه بالنّاس الغرباء الذين لا نكاد نلتقي بهم؛ فوظيفة القراءة و إدمان المصاحبة لألفاظ الفصحاء و البلغاء و المجيدين من الشعراء = هي وظيفةُ تأليف و تعريف بيننا و بين تلك الألفاظ؛ فإذا استدعتها الذاكرةُ اللغويةُ حَضَرَتْ, و إذا أرادت النفسُ أن تعبُرَ بها إلى خباياها و غوامضِ مكنوناتها عَبَرَتْ, فجماعُ هذا الأمر كما ترون أن نخلق بيينا وبين الألفاظ الرفيعة البديعة هذا الإلفَ و المصاحبةَ؛ فكم مرَّ بنا معنًى استدعى لفظًا نعرفُه و نُنكرُه؛ نعرفُهُ لأنّه ماثلُ في النّفس و الحسِّ, لكنّنا ننكرُه لأنّنا لم نألفْه في تأليفنا للألفاظ, و لعلّ المؤلِّفَ إنّما سُمِّي مُؤلِّفًا لقدرته الفائقة على هذا التأليف بين الألفاظ و نفسِه , و بين الألفاظ في أنفسها؛ حتى إنّ الألفاظ و التراكيب لتحضرُ بين يديه, وتتكاثر عليه , حين يطلُبُها , دون أن يُجهدَ نفسَهُ في استدعائِها , فهذا هو فَرْقُ ما بين الفصيح المؤلِّفِ المطبوعِ و المتكلّفِ , و ما تجدهُ من وصفهم لكلامٍ بجريان مائه و سهولة مأخذه و وصفهم لغيره بضد ذلك.

وإنّ من أعظم أسباب قوة الآلة:

1 - إتقان علوم العربيّة؛ و هذا باب يطول شرحه؛ و هو لا يُحصّل إلّا بعلوّ الهمّة و الحرص على العلم و الصبر في طلبه؛ وعلى قدر العزم يكون القَسْم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير