تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما قول المتعالم «إن القرقيعان سنة شرعية وعادة شعبية حسنة» فإنما يدل أيضا على جهله بالألفاظ الشرعية وأنه لا يحسن التفريق بين السنة الشرعية ومعناها في الاصطلاح وبين العادة التي لا تنافي الشرع، فيلزم من قوله عن القرقيعان أنه سنة شرعية أن الإسلام جاء به، وبالتالي من عمل بها فإنه يثاب، بينما العادة لا يثاب ولا يعاقب عليها فاعلها.

وأما قوله «ومن يقول إنه بدعة فكلامه هذا بدعة، وهو لم يذق من طعم الفقه شيئا» فإنما يبرهن لنا عقليته في التعامل مع الآخرين، وتهميش أقوال المخالفين حيث هذه المسألة فرعية، وإلا ماذا سنقول نحن فيمن يُجوّز الطواف حول القبور ودعاء الأموات؟!! وماذا سنرد على من يُجوّز سب الصحابة؟!! وماذا سيكون ردنا فيمن يُجوّز التطبير والنياحة؟!! وما هو موقفنا فيمن يُجوّز المتعة؟!! وماذا تقول أنت فيمن يرى ببدعية ولاية الفقيه؟!! هل سنقول له مثل قولك «هو لم يذق من طعم الفقه شيئا» خاصة وأنها مسائل أصول فهي أعظم من مسألة القرقيعان؟!! أم قد يكون لك رأي غير ذلك؟!!

ولوضع النقاط على الحروف يلزم التنبيه أن الذين قالوا أن القرقيعان عادة وليس عبادة أهون ممن قال إنها سنة شرعية، وهذه وجهة نظرهم وقد يؤجرون عليها لاجتهادهم إن كانوا من أهل الاجتهاد، ومن قال بتحريم القرقيعان إنما استدلوا بالكتاب والسنة، فقالوا ينبغي أن يُربى الصبي على التعفف والزهد عن ما في أيدي الناس، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام للنفر الذين بايعوه «لا تسألوا الناس شيئا» قال الراوي «فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطه فلا يسأل أحدا يناوله»، ولاشك أن الأطفال يجوبون الشوارع ويطرقون أبواب البيوت بحثا عن الحلوى، ولربما أعطوا أو منعوا والتعفف خير لهم، علاوة على أن تجول الأطفال الصغار ليلا دون رقيب فيه مخاطر، وأضف إلى ذلك أن في القرقيعان مظاهر الإسراف والتفاخر واضحة في شراء الحلوى الغالية والملابس الخاصة والله لا يحب المسرفين، والمتتبع لهذه الأمور يدرك جيدا ما يعتري تلك الاحتفالات من بذخ وتبذير، بينما شُرع شهر رمضان للعبادة كما قال تعالى «لعلكم تتقون».

في الختام سؤال نوجهه للذين يقولون أن القرقيعان سنة شرعية وعادة حسنة هل يجوز للأطفال الذين ينتسبون لنسل أهل البيت أن يقرقعوا ويسألوا الناس الصدقة من الحلوى والنقود أم لا؟!!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير