تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهكذا يسمع هذا السائح الولوع شهادة سامية جليّة لحقيقة مركبة من تسخير السحاب، وتصريف الرياح، وانزال الغيث، وتدبير الظواهر الجوية فيقول: آمنت بالله ..

وقد أفادت المرتبة الثانية من المقام الاول مشاهدات هذا السائح في الجو كالآتي:

[لا إله إلاّ الله الواجب الوجود الذي دلّ على وجوب وجوده: الجوّ بجميع ما فيه، بشهادة عظمة إحاطةِ حقيقة: التسخير، والتصريف، والتنزيل، والتدبير، الواسعة المكملة بالمشاهدة].

ـ[فصيح الزمان]ــــــــ[05 - 01 - 2009, 08:44 م]ـ

ثم ان ذلك السائح المتفكر، المعتاد على السياحة الفكرية، هتفت به " كرة الارض " بلسان حالها، قائلة:

" لِمَ تجول في الهواء وتدور في ارجاء السماء والفضاء؟ هلمّ اليّ لأعرّفك بالذي تبحث عنه. تأمل فيما أزاول من وظائف. وأقرأ ما هو مكتوب في صحائفي ". فأخذ السائح ينظر، فيرى:

ان الارض - كالمولوي العاشق - تخط بحركتيها في أطراف ميدان الحشر الاعظم دائرة تحصل بها الايام والسنون والفصول .. وهي كسفينة ربانية عظيمة حاملة لاكثر من مائة ألف نوع من أنواع ذوي الحياة مع جميع أرزاقها ومتطلباتها المعاشية، فتمخر عباب الفضاء وتطوف في رحلة سياحية وتجوال حول الشمس بكمال الموازنة والانتظام الاتم.

ثم ينظر الى صحائفها فيرى ان كل صحيفة منها تعرّف ربها بآلاف آياتها .. ولكن لمّا لم يجد متسعاً من الوقت لمطالعة الصحائف كلها، فقد اقتصر بالنظر الى صحيفة


1 [تنبيه]: كنت اريد ان اوضح المراتب الثلاث والثلاثين من مراتب التوحيد المذكورة في "المقام الاول" الاّ ان عدم سماح وضعي في الوقت الحاضر جعلني مضطراً الى الاكتفاء ببراهينها المختصرة جداً وترجمة معانيها فحسب. وحيث ان ثلاثين رسالة من رسائل النور بل مائة رسالة منها قد بيّنت - كل رسالة - قسماً من تلك المراتب الثلاث والثلاثين مع دلائلها بأساليب مختلفة؛ لذا احيلت التفاصيل اليها - المؤلف.

واحدة منها فقط، وهي صحيفة تجسّد ايجاد ذوي الحياة وادارتها في فصل الربيع.
فشاهد ان افراداً غير محدودين لمائة ألف من الانواع تنفتح صورُها وتنبسط من مادة بسيطة بمنتهى الانتظام، وتُربّى بمنتهى الرحمة، وتنشر في الارجاء بمنتهى السعة وتمنح بذور قسم منها جُنيحات رقيقة للطيران في غاية الاعجاز .. وانها تدار بمنتهى التدبير، وتعّيش وتغذّى بمنتهى الشفقة والرأفة، وتُؤمّن ارزاقها الوفيرة المتنوعة اللذيذة الطيبة بمنتهى الرحمة والإرزاق، فتُوافى من غير شئ، ومن تراب يابس، ومن جذور صلبة كالعظام ومن بذور متماثلة، ومن قطرات ماء متشابهة، وتبعث من خزينة الغيب الى ذوي الحياة كل ربيع - كحمولة قطار مشحون - مائة ألف نوع ونوع من الاطعمة واللوازم بكمال الانتظام والاتساق. وبخاصة ارسال اللبن الخالص اللذيذ الدفاق من ينابيع أثداء الوالدات الرؤومات الملفعات بالشفقة والرحمة والحكمة هدايا للصغار والاطفال .. كل ذلك يثبت بداهة انه تجلٍ في منتهى التربية والرأفة من تجليات رحمة الرحمن الرحيم وإحسانه العميم. والخلاصة:

لقد فهم السائح بمشاهدة هذه الصحيفة الحياتية للربيع الجميل، انها صورة من صور الحشر والنشور بمئات الآلاف من النماذج والنظائر، فهي تفسّر عملياً تفسيراً محسوساً رائعاً الآية الكريمة:
(فانظر الى آثار رحمتِ الله كيف يُحيي الارضَ بعدَ موتها إن ذلك لمُحيي الموتى وهو على كل شئ قدير) (الروم: 50).والآية نفسها تفيد باعجازجميل المعاني الواردة في هذه الصحيفة.
وفهم ما تردده كرة الارض بجميع صحائفها وبنسبة جسامتها وقوتها من: لا إلهَ إلاّ هو.
وهكذا لاجل بيان شهادة مختصرة، لوجه واحد فقط، من عشرين وجهاً، من وجوه صحيفة واحدة، من الصحائف الواسعة لكرة الارض، التي تربو على عشرين صحيفة، ولاجل بيان ما أفادته مشاهدات ذلك السائح في سائر الوجوه والصحائف .. ذكر في المرتبة الثالثة من المقام الاول:

[لا إله إلاّ الله الواجب الوجود الذي دلّ على وجوب وجوده في وحدته: الارض بجميع ما فيها، وما عليها، بشهادة عظمة إحاطة حقيقة:
التسخير، والتدبير، والتربية، والفتاحية وتوزيع البذور والمحافظة والادارة، والاعاشة، لجميع ذوي الحياة، والرحمانية والرحيمية العامة الشاملة المكملة بالمشاهدة].

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير