تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَكَانَ يَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى بَابِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَيَفْتَدِي مِنَ الْأُسَارَى فِي كُلِّ سَنَةٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَلَا تَزَالُ صَدَقَاتُهُ وَافِدَةً إِلَى الْفُقَهَاءِ وَالْفُقَرَاءِ؛ حَيْثُ كَانُوا مِنْ بَغْدَادَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَقَدْ حُبِسَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، فَذَكَرَ ابْنُ السَّاعِي فِي " تَارِيخِهِ " عَنْ شَخْصٍ كَانَ مَعَهُ فِي السِّجْنِ أَنَّهُ نَزَلَ إِلَيْهِ طَائِرٌ أَبْيَضُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ وَهُوَ يَذْكُرُ اللَّهَ - عز وجل - حَتَّى تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ طَارَ عَنْهُ، وَدُفِنَ فِي رِبَاطٍ بَنَاهُ لِنَفْسِهِ بِالْمَوْصِلِ، وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَسَدِ الدِّينِ شِيرَكُوهْ بْنِ شَاذِيٍّ مُؤَاخَاةٌ وَعَهْدٌ، أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ الْآخَرِ أَنْ يَحْمِلَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَاسْتَأْجَرَ لَهُ أَسَدُ الدِّينِ شِيرَكُوهْ رِجَالًا فَنَقَلُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَا مَرُّوا بِهِ عَلَى بَلْدَةٍ إِلَّا صَلَّوْا عَلَيْهِ، وَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِ، وَأَثْنَوْا خَيْرًا، فَصَلَّوا عَلَيْهِ بِالْمَوْصِلِ وَتَكْرِيتَ وَبَغْدَادَ وَالْحِلَّةِ وَالْكُوفَةِ وَفَيْدَ وَمَكَّةَ، وَطِيفَ بِهِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فَدُفِنَ بِرِبَاطٍ بَنَاهُ شَرْقِيَّ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ السَّاعِي: لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَرَمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَبَرِهِ سِوَى خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا. قَالَ ابْنُ السَّاعِي: وَلَمَّا صَلَّوْا عَلَيْهِ بِالْحِلَّةِ صَعِدَ شَابٌّ نَشْزًا فَأَنْشَدَ يَقُولُ:

سَرَى نَعْشُهُ فَوْقَ الرِّقَابِ وَطَالَمَا

يَمُرُّ عَلَى الْوَادِي فَتُثْنِي رِمَالُهُ

سَرَى جُودُهُ فَوْقَ الرِّكَابِ وَنَائِلُهْ

عَلَيْهِ وَبِالنَّادِي فَتُثْنِي أَرَامِلُهْ

وفي الروضتين في أخبار النورية والصلاحية

قال ابن الأثير: حكى لي جماعة عن الشيخ أبي القاسم الصوفي، وهو رجل من الصالحين كان يتولى خدمة جمال الدين في محبسه، قال: لم يزل الجمال مشغولا بأمر آخرته مدة حبسه؛ وكان يقول: كنت أخشى أن أُنقل من الدست إلى القبر. قال: فلما مرض قال لي بعض الأيام: يا أبا القاسم، إذا جاء طائر أبيض إلى الدار فعرِّفني، فقلت في نفسي: قد اختلط الرجل. فلما كان الغد أكثر السؤال عن ذلك الطائر، وإذا طائر أبيض لم يُر مثله قد سقط؛ فقلت له: قد جاء الطائر، فاستبشر، ثم قال: جاء الحق؛ وأقبل على الشهادة وذِكر الله تعالى، وتُوفي؛ فلما توفي طار ذلك الطائر. قال: فعلمت أنه رأى شيئاً في معناه.

ودفن بالموصل نحو سنة؛ وكان قد قال للشيخ أبي القاسم: إن بيني وبين أسد الدين شيركوه عهداً: من مات منا قبل صاحبه حمله الحي إلى المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فدفنه بها في التربة التي عملها؛ فإن أنا متُّ فامض إليه وذكِّره. فلما توفي سار الشيخ أبو القاسم إلى أسد الدين في هذا المعنى؛ فأعطاه مالا صالحاً ليحمله به إلى مكة والمدينة، وأمر أن يحج معه جماعة من الصوفية ومن يقرأ بين يدي تابوته عند النزول والرحيل، وقدوم مدينة تكون في الطريق، وينادون في البلاد: الصلاة على فلان. ففعلوا ذلك؛ فكان يصلى عليه في كل مدينة خلق كثير. فلما كان في الْحِلَّة اجتمع الناس للصلاة عليه، فإذا شاب قد ارتفع على موضع عال ونادى بأعلى صوته:

سَرَى نعشهُ فوق الرقاب، وطالما ... سَرى بِرُّه فوق الركاب ونائله

يمر على الوادي، فتثُنى رماله ... عليه، وفي النادي فتبكي أرامله

فلم ير باكياً أكثر من ذلك اليوم. ثم وصلوا به إلى مكة فطافوا به حول الكعبة وصلوا عليه بالحرم، وحملوه إلى المدينة فصلوا عليه أيضاً، ودفنوه بالرباط الذي أنشأه بها، وبينه وبين قبر النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ذراعاً.

قلت: كذا قال ابن الأثير. ولقد رأيت المكان ولعله أراد الحائط الشرقي من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لانفس القبر الشريف، زاده الله شرفاً وصلى على ساكنه.

النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة

سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

ووقع بحلب طائر أبيض دون الرخمة في شهر رمضان فصاح: يا معشر الناس، اتقوا الله اتقوا الله اتقوا الله أربعين صوتاً، ثم طار وجاء من الغد ففعل كذلك؛ وكتب البريد بذلك وشهد خمسمائة إنسان سمعوه.

وفيها مات رجل ببعض كوز الأهواز في شوال، فسقط طائر أبيض على جنازته، فصاح بالفارسية: إن الله قد غفر لهذا الميت ولمن شهد جنازته.

ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 06:59 ص]ـ

رائد عبداللطيف: بارك الله فيك.

أبا العباس المقدسي: اللهم آمين، وحفظك الله ورعاك.

بل الصدى: جزاك الله خيرا.

أبا ذكرى: اللهم آمين، وفقت وبوركت.

تيما: اللهم آمين، وجزاك الله كل خير.

مغربي: اللهم آمين. بارك الله فيك، وحفظك.

أبا سهيل: اللهم آمين، وبارك الله في تعقيبك المفيد، الذي يشفي القلب العنيد، والعقل البسيط، وأعتق رقبتك - ومن يقرأ - من نار حرها شديد.

وفقكم الله ورعاكم، وسدد خطاكم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير