تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الإلماع في فوائد من السماع.]

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[30 - 10 - 08, 06:23 م]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين أما بعد:

لقد منّ الله تعالى عليّ بسماع الكتب السبعة والموطأ ومسانيد (الشافعي والحميدي والطيالسي) والأدب المفرد للبخاري .... وغيرها، وهذا من فضل الله تعالى له الحمد كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه، ثم لصاحب هذا المشروع العظيم في وزارة الأوقاف في الكويت - الشؤون الفنية، وهو الشيخ فيصل العلي.

ولا يخفى على عاقل ما في السماع من فوائد جمة، وعلم غزير، درايةً وروايةً.

وفي أثناء هذا السماع كانت ترد الفوائد المتعددة، إما فائدة فقهية، وإما حديثية، وإما لغوية، فكنت أدونها لأنتفع بها وأنفع بها، وكنت أتوق لكتابتها لكن المشاغل الكثيرة، والنفس الكسولة! جعلت الإنسان يمنّي نفسه!، وأخيرا اهتديت لطريقة هي نتيجة لمفاوضات مع نفسي المسكينة! وهي أني أكتب ولو فائدة، ومن ثَمّ سوف تجتمع هذه الفوائد،أو أن النفس تألف الفائدة، فتسترسل مع أخرى!.

وأدعو الإخوة للمشاركة إن كان عندهم إثراء للفوائد التي سأكتبها.

وقد آن أوان هذه الفوائد، فنسأل الله تعالى الرفد والإعانة إنه خير مسؤول، وهو أكرم الأكرمين.

الفائدة الأولى: عِظَم التؤدة في الأمور، و ثمرتها.

بوب البخاري في الأدب المفرد: باب التؤدة في الأمور، ثم ذكر تحته بإسناده قصة جميلة عجيبة وسندها حسن، قال – رحمه الله تعالى -:

((حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبو هلال قال: حدثنا الحسن، أن رجلا توفي وترك ابنا له ومولى له، فأوصى مولاه بابنه، فلم يألوه حتى أدرك وزوجه.

فقال له: جهزني أطلب العلم، فجهزه، فأتى عالما فسأله، فقال: إذا أردت أن تنطلق فقل لي أعلمك.

فقال: حضر مني الخروج فعلمني.

فقال: "اتق الله واصبر، ولا تستعجل".

قال الحسن: في هذا الخير كله - فجاء ولا يكاد ينساهن، إنما هن ثلاث - فلما جاء أهله نزل عن راحلته، فلما نزل الدار إذا هو برجل نائم متراخ عن المرأة، وإذا امرأته نائمة، قال: والله ما أريد ما أنتظر بهذا؟ فرجع إلى راحلته، فلما أراد أن يأخذ السيف قال: اتق الله واصبر، ولا تستعجل!.

فرجع، فلما قام على رأسه قال: ما أنتظر بهذا شيئا، فرجع إلى راحلته، فلما أراد أن يأخذ سيفه ذكره، فرجع إليه، فلما قام على رأسه استيقظ الرجل، فلما رآه وثب إليه فعانقه وقبله، وساءله قال: ما أصبت بعدي؟ قال: أصبت والله بعدك خيرا كثيرا، أصبت والله بعدك: أني مشيت الليلة بين السيف وبين رأسك ثلاث مرار، فحجزني ما أصبت من العلم عن قتلك)) اهـ.

الفائدة الثانية: من خصال الإيمان أن يكون أخوك المسلم أحق بدينارك ودرهمك!.

بوب البخاري في الأدب المفرد: باب من أغلق الباب على الجار.

ثم ذكر بسنده أثرا جميلا مؤثرا عن ابن عمر رفع فيه حديثا مخيفا لمن أغلق بابه أمام جاره. والحديث حسنه الألباني – رحمه الله تعالى -.

قال – رحمه الله تعالى -:

((حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا عبد السلام، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر قال: لقد أتى علينا زمان - أو قال: حين - وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب، هذا أغلق بابه دوني، فمنع معروفه»)) اهـ.

الفائدة الثالثة: خُلُقُ الإنسان مكتوب عليه في بطن أمه!

أسند الإمام البخاري في الأدب المفرد ضمن باب الشح أثرا عجيبا عن ابن مسعود – رضي الله عنه - والأثر حسن- قال – رحمه الله تعالى -:

((حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الله بن رُبَيِّعة قال: كنا جلوسا عند عبد الله، فذكروا رجلا، فذكروا من خلقه، فقال عبد الله: أرأيتم لو قطعتم رأسه أكنتم تستطيعون أن تعيدوه؟ قالوا: لا، قال: فيده؟ قالوا: لا، قال: فرجله؟ قالوا: لا، قال: فإنكم لا تستطيعون أن تغيروا خلقه حتى تغيروا خلقه، إن النطفة لتستقر في الرحم أربعين ليلة، ثم تنحدر دما، ثم تكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم يبعث الله ملكا فيكتب رزقه وخُلُقَه، وشقيا أو سعيدا)) اهـ.

الفائدة الرابعة: أجمع آية للحلال والحرام والأمر والنهي، وأسرع آيةٍ فرجا، وأشد آية تفويضا.

أسند البخاري – رحمه الله تعالى – ضمن باب الظلم ظلمات أثرا عن ابن مسعود – رضي الله عنه – وهو حسن، قال رحمه الله تعالى:

((حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن أبي الضحى قال: اجتمع مسروق وشتير بن شكل في المسجد، فتقوض إليهما حلق المسجد، فقال مسروق: لا أرى هؤلاء يجتمعون إلينا إلا ليستمعوا منا خيرا، فإما أن تحدث عن عبد الله فأصدقك أنا، وإما أن أحدث عن عبد الله فتصدقني؟ فقال: حدث يا أبا عائشة، قال: هل سمعت عبد الله يقول: العينان يزنيان، واليدان يزنيان، والرجلان يزنيان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه؟ فقال: نعم، قال: وأنا سمعته.

قال: فهل سمعت عبد الله يقول: ما في القرآن آية أجمع لحلال وحرام وأمر ونهي، من هذه الآية: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى)؟ قال: نعم، قال: وأنا قد سمعته.

قال: فهل سمعت عبد الله يقول: ما في القرآن آية أسرع فرجا من قوله: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)؟ قال: نعم، قال: وأنا قد سمعته.

قال: فهل سمعت عبد الله يقول: ما في القرآن آية أشد تفويضا من قوله: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله)؟ قال: نعم، قال: وأنا سمعته.)) اهـ.

يتبع ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير