تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: السنن: وهي التي جمعت أحاديث الأحكام فقط مرتبة على أبواب الفقه، ومنها: سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (273هـ).

وقد وصلنا مخطوطتان ألفيتان لسنن أبي داود والنسائي.

النوع الثالث: التصنيف بطريقة الأجزاء، وهي تآليف تجمع الأحاديث المروية عن رجل واحد، أو الأحاديث التي تخص موضوعًا واحدًا.

وقد وصل إلينا ستة عشر مخطوطا ألفيا من هذا النوع من التصنيف.

وهكذا فإن تدوين الحديث مرَّ بأربع مراحل: الأولى تدوينه في حياة النبي r وبإذنه في صحف خاصة بمن يكتبه، غير متداولة. الثانية: تدوينه مع بداية القرن الثاني للهجرة بقصد جمعه وتداوله، ولكن دون ترتيب للأحاديث. الثالثة: تدوينه بشكل مبوب ومرتب مع منتصف القرن الثاني. الرابعة: تطور طرق التدوين، ونضج التصنيف في رواية الحديث في القرن الثالث.

وقد كتب أهل العلم قديمًا وحديثًَا حول عملية التدوين هذه مثل كتاب تقييد العلم للخطيب البغدادي وكتاب السير الحثيث من تاريخ تدوين الحديث لمحمد زبير الصديقي وكتاب السنة قبل التدويين للدكتور محمد عجاج الخطيب، وغير ذلك. كما كتبت بعض البحوث المهمة المتعلقة بالموضوع ضمن بعض الكتب كتاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين وعلوم الحديث ومصطلحه لصبحي الصالح ومنهج النقد لنور الدين عتر.

ومما يجب ذكره هنا أن المفهوم الذي ينطوي عليه ما نسميه اليوم علمَ تحقيق المخطوطات قد عمل بأصوله العرب المسلمون عند تدوينهم للقرآن الكريم والسنة الشريفة منذ عهد النبي r، ثم دونوا هذا العلم وقعّدوه بشكل ناضج في تصانيفهم المتعلقة بعلوم الحديث منذ القرن الرابع الهجري.

وكانت الخطوات المتعلقة بالإثبات والتصحيح والإحكام للنصوص –وهي مجال علم التحقيق- من اختصاص أئمة الحديث وعلومه، فكان لهم بذلك الفضلُ في وضع ضوابط هذا الفن من أجل الوصول إلى نص محقق، ثم انتقل عنهم هذا المنهج إلى علماء الحضارة العربية الإسلامية بمختلف فروعها، فكانوا قدوة لغيرهم في هذا الميدان.

ومنذ انتشار التدوين أصبحت الكتابة ركناً أساسياً اعتمد عليه العلماء في حفظ الحديث وضبطه، فقام الكتاب بدور كبيرٍ في الرواية يشبه دور الراوي. وكان شرط الاعتماد على النسخة أن يقرأها راويها على مؤلفها، أو تقابل بنسخة المؤلف، أو على نسخة صحيحة مقابلة على نسخة المؤلف، أو نحو ذلك مما نُسخ وصُحح على النسخ المقابلة المصححة.

وقد استن المحدثون آداباً تُحقق الضبط الكامل لما يكتب على الصحف، ووضعوا تبعاً لذلك مصطلحات ساروا عليها والتزموا بها، فلا يكون الكتاب مقبولاً إلا أن ينضبط بهذه الآداب وهذه المصطلحات، فكان هذا أساساً لقواعد تحقيق النصوص2.

ومن أهم المصنفات التي وردت فيها هذه القواعد: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي (ت360هـ)، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (ت 463هـ)، والكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ت 463هـ)، ومعرفة أنواع علوم الحديث لابن الصلاح (ت643هـ)، والإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع للقاضي عياض (ت544هـ)، وتذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم لابن جماعة (ت 733هـ)، وتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي (ت911هـ)، ومنية المريد في آداب المفيد والمستفيد للعاملي (ت 954هـ)، والدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد لبدر الدين الغزي (ت983هـ)، وهذا الكتاب يمثل علم تحقيق المخطوطات حتى عصر المؤلف، فقد جمع فيه ما تفرق في غيره من كتب السابقين، وأضاف، وألَّف بين المعلومات، وأشار إلى أنه نقل عن الرامهرمزي والحاكم والقاضي عياض وابن الصلاح وابن دقيق العيد وابن حجر والسيوطي وغيرهم.

ويمكننا أن نضع تصنيفاً جامعاً لمباحث تحقيق النصوص عند علماء الحديث في هذه المؤلفات على النحو الآتي:

أولاً: مقابلة النسخ (المعارضة،العرض).

ثانياً: إصلاح النص: ويشمل: علاج النقص (التخريج، الإلحاق)، وعلاج الزيادة (الحك أو المحو أو الضرب)، وعلاج المكرر، وعلاج الخطأ (التصحيح والتضبيب والتمريض)، وعلاج اللحن.

ثالثاً: ضبط النص: ويشمل: النقط والشكل، وضبط الحروف المهملة، وضبط الألفاظ المشكلة.

رابعاً: صنع الحواشي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير