تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يمتاز كتاب ابن الصلاح بسهولة عبارته ورقتها، ووضوح إشارته ودقتها، واكتمال بلاغته وهُدُوِّها، وجمال صياغته وعُلُوِّها، فهو في غاية الإمتاع للمطالع فيه؛ وهذا من أكبر أسباب نجاحه وشهرته بين أهل العلم وطالبيه؛ وكذلك تفرده بموضوعه بين أهل زمانه؛ وأما السبب الأكبر في ذلك النجاح وتلك الشهرة، فلا أظنه سوى القبول من الله تبارك وتعالى (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور)؛ ولا نزكي على الله أحدا.

هذا ومما قاله العلماء في كتاب ابن الصلاح: قول العلامة الحافظ ابن كثير في اختصاره له (ص21): (ثم إنه فرق بين متماثلات منها [يعني أنواع علوم الحديث] بعضها عن بعض، وكان اللائق ذكر كل نوع إلى جانب ما يناسبه).

وقول الحافظ ابن حجر في أوائل (نزهة النظر): (أما بعد؛ فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت) للأئمة في القديم والحديث. فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه (المحدث الفاصل)، لكنه لم يستوعب؛ والحاكم أبو عبد الله النيسابوري، لكنه لم يهذب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم الأصبهاني، فعمل على كتابه مستخرجاً، وأبقى أشياء للمتعقب. ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي، فصنف في قوانين الرواية كتاباً سماه (الكفاية)، وفي آدابها كتاباً سماه (الجامع لآداب الشيخ والسامع)؛ وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتاباً مفرداً، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: (كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه). ثم جاء بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب، فأخذ من هذا العلم بنصيب، فجمع القاضي عياض كتاباً لطيفاً سماه (الإلماع)، وأبو حفص الميانجي جزءاً سماه ما لا يسع المحدث جهله. وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتَهَرَت، (وبسطت) ليتوفر علمها (واختصرت) ليتيسر فهمها؛ إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري نزيل دمشق، فجمع – لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية – كتابه المشهور، فهذب فنونه، وأملاه شيئاً بعد شيء، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر).

وقد بين الحافظ البقاعي تلميذ الحافظ ابن حجر عذر ابن الصلاح في الذي ذكره ابن كثير وابن حجر من عدم اكتمال ترتيب الكتاب بحسب تشابه الأنواع والأبواب بقوله في (النكت الوفية على شرح الألفية): (قيل: إن ابن الصلاح أملى كتابه إملاء، فكتبه في حال الإملاء جمع جمٌّ، فلم يقع مرتباً على ما في نفسه، وصار إذا ظهر له أنَّ غيْرَ ما وقع له أحسن ترتيباً، يراعي ما كُتب على النسخ، ويحفظ قلوب أصحابها، فلا يغيرها، وربما غاب بعضهم، فلو غيّر ترتيبه تخالفت النسخ، فتركها على أول حالها). نقله حاجي خليفة في (كشف الظنون) (2/ 1162).

أحسن طبعات الكتاب: طبعات محمد راغب الطباخ ونور الدين عتر وبنت الشاطئ؛ ولا أدري إن كان قد ظهر في هذه السنوات لهذا الكتاب طبعة أحسن من هذه الثلاث، أو لم يظهر.

وأما الكتب المتعلقة بهذا الكتاب تعلقاً شديداً مباشراً أو المتفرعة عنه تفرعاً بيناً ظاهراً، فكثيرة جداً؛ ولذلك رأيت أن أجعل ما عرفته منها في ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: مختصرات الكتاب ومهذباته.

والثاني: شروحه وحواشيه.

والثالث: منظوماته.

ثم إني لم أذكر في هذه الأنواع الثلاثة إلا ما ذكر مؤلفه أو غيره ما يُعلم به أنه منها، ولولا ذلك لطالت ذيول الكلام في ذلك المقام، فإن جل الكتب التي صنفت في المصطلح بعد (المقدمة) كانت في الجملة مكثرة عنها ومعتمدة عليها، ومستمدة منها وراجعة إليها، ومتعلقة بها ودائرة حواليها؛ فتلك الكتب بهذا الاعتبار لا يبعد أن تعدَّ تابعة لـ (مقدمة ابن الصلاح) أو داخلة في فروعها؛ ولكني مشيت على الشرط المذكور فليعلم ذلك.

هذا وقد سبق لي أن تكلمت على مختصرات المقدمة واليوم أتكلم عن شروحها؛ وأتكلم في وقت قادم إن شاء الله تعالى على منظوماتها؛ ومن الله وحده التوفيق.

**************

شروح المقدمة وحواشيها

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير