لا شك أنه كُتب على كتاب ابن الصلاح - بسبب عظم شهرته وكثرة تداول المسلمين له - عشرات من الحواشي جمعها العلماء والمدرسون والطلاب على نسخهم من المقدمة، منهم من فعل ذلك لنفسه، ومنهم من صنعه لغيره، ولكن بقي بعضها ناقصاً أو من غير تبييض ولا تحرير، وبعضها لم ينشره أصحابه، وبعضها ضاع قبل أن يعرف، وبعضها كان شديد الاختصار فلم يلتفت إليه أحد؛ إلى غير ذلك من الأمور المانعة للشرح أو الحاشية من أن ينتشر أو أن يعرف.
وفيما يلي ما وقفت عليه أو على خبره من تلك الشروح والحواشي.
1ـ (إصلاح كتاب ابن الصلاح) لشمس الدين ابن اللبان. انظر الكلام الآتي بعد قليل على حاشية الزركشي، تحت رقم (6).
2 - (إصلاح ابن الصلاح) للحافظ الحنفي مغلطاي (ت762)، وله فيه ـ كعادته في كتبه ـ أوهام أشار إلى كثرتها ابن حجر في (المجمع المؤسس) (2/ 301)، ويوجد في دار الكتب المصرية مخطوطاً، ولعله طبع.
3ـ الجواهر الصحاح في شرح علوم الحديث لابن الصلاح، لعز الدين بن بدر الدين بن جماعة (ت767). راجع مقدمة بنت الشاطئ على (مقدمة ابن الصلاح) (ص71).
4ـ (التقييد والإيضاح لما أغلق وأطلق من كتاب ابن الصلاح)، للحافظ الكبير الشهير زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت806). قال في خطبته:
(فإن أحسن ما صنف أهل الحديث في معرفة الإصطلاح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح؛ جمع فيه غرر الفوائد فأوعى، ودعا له زمر الشوارد فأجابت طوعا؛ إلا أن فيه غير موضع قد خولف فيه، وأماكن أخر تحتاج إلى تقييد وتنبيه؛ فأردت أن أجمع عليه نكتاً تقيد مطلقه، وتفتح مغلقه؛ وقد أورد عليه غير واحد من المتأخرين إيرادات ليست بصحيحة، فرأيت أن أذكرها وأبين تصويب كلام الشيخ وترجيحه، لئلا يتعلق بها من لا يعرف مصطلحات القوم، وينفق من مُزْجَى البضاعات ما لا يصلح للسوم؛ وقد كان الشيخ الإمام العلامة علاء الدين مغلطاي أوقفني على شيء جمعه عليه، سماه (إصلاح ابن الصلاح)، وقرأ من لفظه موضعاً منه، ولم أر كتابه المذكور بعد ذلك.
وأيضاً فقد اختصره [أي كتاب ابن الصلاح] جماعةٌ، وتعقبوه في مواضع منه، فحيث كان الإعتراض عليه غير صحيح ولا مقبول ذكرته بصيغة (أُعترض عليه)، على البناء للمفعول). انتهى نقلي عن العراقي.
ولعل هذا الكتاب أفضل ما وصلنا من تعاليق العلماء على المقدمة باستثناء ما كتب تلميذ العراقي وخريجه الحافظ ابن حجر.
طبع (التقييد والإيضاح) أكثر من طبعة، ومن أجود طبعاته طبعة الشيخ محمد راغب الطباخ.
5ـ شرح عز الدين بن محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن بدر الدين (ت819)؛ ذكره السخاوي في (الضوء اللامع) (7/ 172)؛ وفي متحف طوبقبو سراي بتركيا نسخة منه.
6ـ (النكت على ابن الصلاح)، لمحمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي الشافعي صاحب (البحر المحيط) في أصول الفقه؛ (ت794).
قال مؤلفه في خطبته: (الحمد لله الذي أعلى منار الإسلام بالسنة ورفع بها عن القلوب الأكنة، وحرس سماها بجهابذة الحفاظ من الأمراد الجِنة؛ والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الخلق وقائدهم إلى الجنة وعلى آله وصحبه الذين جعلهم الله أمنة للناس ومنة؛ أما بعد فلما كانت السنة الوحي الثاني بعد المتشابه المثاني وجب على كل ذي لب حفظها وذكرها وتعليمها ونشرها؛ ومن المعين على ذلك معرفة أوضاعٍ اصطلح عليها حملتها ورسومٍ بينها نقلتها؛ وقد انتدبتْ لجمع ذلك جماعة؛ وأجمعهم له أبو عبد الله الحاكم النيسابوري وأبو بكر--- الخطيب البغدادي، وأبو محمد الرامهرمزي.
وجاء بعدهم الإمام أبو عمرو ابن الصلاح فجمع مفرقهم وحقق طرقهم وأجلب بكتابه بدائع العجب وأتى بالنكت والنخب حتى استوجب أن يكتب بذوب الذهب، والناس كالمجمعين على أنه لا يمكن وضع مثلِه، وقصارى أمرهم اختصاره من أصله.
وأخبرني شيخنا العلامة مغلطاي رحمه الله تعالى أن بعض طلبة العلم من المغاربة، كان يتردد إليه، ذكر له أن الشيخ شمس الدين ابن اللبان وضع عليه تأليفاً سماه (إصلاح كتاب ابن الصلاح) وأنه تطلب ذلك دهره فلم يجده؛ ثم شرع الشيخ علاء الدين في التنكيت وسماه بالاسم المذكور لكنه لا يشفي الغليل وإنما تكلم على القليل.
فاستخرت الله تعالى في تعليق عليه فائق الجمع شائق السمع يكون لمستغلقه كالفتح ولمستبهمه كالشرح؛ وهو يشتمل على أنواع:
الأول: بيان ما أشكل ضبطه فيه من الأسماء والأنساب واللغات.
¥