ج- الرجوع إلى المصدر الذي يختص بذكر أعلام طبقة معينة، أو بلد معين، فالصحابة من طبقات الصحابة، والتابعين من كتب التابعين وهكذا في كل متقدم من كتب الطبقات المتقدمة كطبقات خليفة وابن سعد، وتاريخ الفسوي،أو كتب التراجم التي اهتمت بترجمة أبناء قرنٍ معين، كتراجم من جاء في القرن السابع أو الثامن أو التاسع أو العاشر ,هكذا .. ، ويترجم الأندلسي من كتب الأندلسيين، والبغدادي من تواريخ بغداد وهكذا في كل الرواة الذين اقترن اسمهم ببلد أو قطر معين كبغداد، ودمشق، وواسط، وجرجان، والرقة، ومكة، والمدينة، وبيت المقدس، وغير ذلك من البلدان التي جُمع تاريخها، وتُرجم لأعلامها.
ويمكن بعد ذلك إضافة مصدر أو أكثر من المصادر أو المراجع التي لم يتقيد مؤلفوها بأيٍّ من الضوابط السابقة، كأن تكون كتب تراجم عامة، كسير أعلام النبلاء، والعبر في خبر من غبر للذهبي، وشذرات الذهب لابن العماد، والأعلام للزركلي وهكذا.
إذا تبين ذلك علمنا مدى الخطأ الذي وصل إليه المحقق في ترجمته للعدد من العلماء منهم السيوطي عندما أحال إلى كشف الظنون في ترجمته، وكذا عندما ترجم للبيضاوي (ص62)، وأحال إلى كشف الظنون فقط، وانظر كذلك (72، 74، 75، 76، 79، 85، 91، وغير ذلك كثير جداً) وكشف الظنون كما هو معلوم ليس من كتب التراجم، بل هو من الكتب التي اختصت ببيان المصنفات والمصنفين، وفيه كثير من الأوهام والأخطاء في التراجم، ويكفي أن تأخذ الكتب التي نسبها لابن حبان البستي صاحب الثقات المشهور، وأبي الشيخ ابن حيان الأصبهاني لترى مدى الاضطراب الذي وقع فيه بنسبة كتاب هذا لذاك، أو ذكر تاريخ وفاة ابن حبان في ترجمة أبي الشيخ، ولهذا فهو ليس من الكتب المعتمدة في هذا المجال.
رابعاً - الوهم والخطأ في ترجمة العلم، وهذا من أكثر الأمور التي يعاب بها المحقق، وإن كان الخطأ والوهم لا يسلم منهما أحد، ولكن بما أنّ المرء قد تصدر هذا الموضع فيجب عليه أن يبذل الجهد كي لا يقع في مثل هذا الخطأ، وبخاصة إذا كان الخطأ لا يجوز على صغار الطلبة فضلاً عمن تسمى باسم محقق! ويزداد العيب ويكثر اللوم عندما يكون الخطأ شنيعاً، بأن يُذكر ما يدل على المترجم فيترجمه باسم آخر، وهذا بيان بعض ما أجملت:
1 - وهمه في ترجمة ابن وهب، حيث ذكر الإمام مرعي (ص62) في سرده لبعض مقولات الإمام مالك رحمه الله تعالى: ((وقال في رواية ابن وهب عنه ..... )) والمحقق ترجم لابن وهب بقوله: ((العالم الحافظ البارع، أبو محمد عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، قال عنه أبو علي: كان حافظاً، وقال عنه الدارقطني: متروك، مات سنة ثمان وثلاثمئة))!!.
وهذا كله وهم وخطأ، إذ إن السياق يوحي بأنَّ ابن وهب المقصود هو أحد تلامذة الإمام مالك، والكلام يتعلق برواية ابن وهب عن مالك، والإمام مالك توفي سنة 179هـ، ولهذا فلا يعقل أن يكون تلميذه توفي في هذا الزمن! أي بعد شيخه بمائة وثلاثين عاماً، ولهذا فالمقصود بابن وهب هنا هو الإمام المتفنن عبد الله بن وهب تلميذ الإمام مالك وراوي الموطأ عنه ووفاته سنة مائة وسبع وتسعين، أو ثمان وتسعين، فأين هذا من ذاك؟!.
2 - ومن هذا القبيل أيضاً ما ذكره في التعريف بأبي محمد المقدسي (ص92) حيث ذكر مقولةً عن الإمام الطرطوشي وفيها: ((وأخبرني أبو محمد المقدسي قال: لم يكن عندنا ببيت المقدس قط صلاة الرغائب ........ ))، وأحال في ترجمة أبي محمد المقدسي إلى ترجمة العز ابن عبد السلام الذي ترجمه قبل ذلك، موهماً أنَّ أبا محمد المقدسي هو عبد العزيز بن عبد السلام، ودعونا نلاحظ الملاحظات التالية:
أ - إن الراوي هنا هو الإمام الطرطوشي، وأبو محمد المقدسي شيخ الطرطوشي لأنه يروي عنه، ووفاة الطرطوشي كما ترجمه المحقق قبل ذلك بصفحة سنة 520 هـ.
ب- وفاة العز بن عبد السلام كما ترجمه المحقق (ص 75) سنة 660 هـ.
ج- بهذا يكون التلميذ قد مات قبل شيخه بـ 140 عاماً، أيعقل هذا؟! فلا شك إذن في أن الترجمة خطأ، والإحالة إلى ترجمة العز غير صحيحة، وأن أبا محمد المقدسي هو آخر غير الذي ذكره المحقق.
¥