* تحدث الكاتب عن حرية اختيار الكافر وعدم الإكراه، وكان عليه أن يجمع أطراف المسألة فيورد ـ مثلاً ـ قوله [: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.». الحديث أخرجه البخاري ومسلم.
* لم يكن الكاتب دقيقًا في نقله حيث قال: «لا يجوز إجبار أسير أو كتابي .. »
وفي هذا يقول ابن حزم: «واتفقوا أن من أسر بالغًا منهم فإنه لا يجبر على مفارقة دينه»
وبالرجوع إلى كتاب ابن حزم، نلحظ أنه قال: أسير كتابيّ، ولم يقل أسير أو كتابي.
ولا يخفى تفاوت المعنيين، كما أن كما أن ما نقله الباحث كان مبتورًا، فقد جاء النص بتمامه على النحو الآتي: «واتفقوا أن من أسر بالغًا منهم فإنه لا يجبر على مفارقة دينه أعني إن كان كتابيًا» هكذا قال ابن حزم في مراتب الإجماع ص120.
وقع الكاتب في لبس وتلبيس فظن أن «التوحيد الكلي» متحقق عند اليهود والنصارى، وأطلق هذا الحكم دون أن يفصّل أو يفرّق بين اليهود الذين اتبعوا موسى عليه السلام والنصارى الذين اتبعوا المسيح عليه السلام فهؤلاء مسلمون، وأما اليهود القائلون بأن عزيرًا ابن الله، وكذا النصارى القائلون بالتثليث فهؤلاء كفار اتفاقًا، كما حكاه ابن حزم قائلاً: «واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفارًا واختلفوا في تسميتهم مشركين» مراتب الإجماع ص119.
* احتج الكاتب بخطاب رسول الله [إلى هرقل عظيم الروم، في تسويغ مخاطبة الملوك بألقابهم المعروفة، وكان على الكاتب أن يتم الحديث ويورد نص الخطاب لهرقل حيث قال المصطفى [: «سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين» أخرجه البخاري، فالمقام مقام دعوة وهذا اللقب ـ عظيم الروم لمصلحة التألف ـ كما حرره الحافظ ابن حجر في الفتح 38/ 1.
وقد قال الحافظ ابن حجر: «قوله «عظيم الروم» فيه عدول عن ذكره بالملك أو الإمرة، لأنه معزول بحكم الإسلام .. » ... وفي حديث دحية أن ابن أخي قيصر أنكر أيضًا كونه لم يقل ملك الروم، فتح الباري 38/ 1.
* أورد الكاتب تفسير التدافع بالانتخاب الطبيعي، ويبدو أن الكاتب يتوارى من تقرير الصراع بين الحق والباطل، وجهاد أعداء الله تعالى، مع أن آية البقرة {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} (آية 251)، جاءت بعد قصة طالوت وجالوت، وانتصار المؤمنين وقتل داود جالوت، ثم بيّن الله فائدة الجهاد فقال: {ولولا دفع الله الناس .. } الآية، كما حرره السعدي في تفسيره ص90، كما أن آية الحج {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع .. } (آية 40)، نظير الآية السابقة، فيدفع الله بالمجاهدين في سبيله ضرر الكافرين.
يقول العلامة السعدي: «ودلّ ذلك على أن البلدان التي حصلت فيها الطمأنينة بعبادة الله، وعمرت مساجدها، وأقيمت فيها شعائر الدين كلها، من فضائل المجاهدين وبركتهم.
فإن قلت: نرى الآن مساجد المسلمين عامرة لم تخرب في ديار الكفار، أجيب بأن جواب هذا السؤال داخل في عموم هذه الآية وفرد من أفرادها .. فتراعي الحكومات مصالح ذلك الشعب الدينية والدنيوية، وتخشى إن لم تفعل ذلك أن يختل نظامها، وتفقد بعض أركانها .. » أ. هـ ملخصًا، تفسير السعدي ص489.
* زعم الكاتب أن أهل الذمة لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإنما يكون ذلك لأهل القبلة من أهل الإسلام كما في قوله [: «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم، وله ما لنا عليه ما علينا» أخرجه البخاري، أفتجعل ـ يا دكتور أحمد ـ المسلمين كالمجرمين!
* نقل الكاتب مقولة من قال: إن الولاء والبراء منوطان بحالتي السلم والحرب، إذًا الأصل التعايش في حال السلم، والاستثناء هو التناحر في حال الحرب. وهذه مغالطة مكشوفة؛ فالولاء والبراء أوثق عرى الإيمان، وأصل الولاء الحب، وأصل البراء البغض، والحب والبغض أمر فطري لا انفكاك عنه، فكل إنسان سواء كان برًا أو فاجرًا لديه هذه الغريزة الفطرية من مشاعر الحب والبغض، وهؤلاء الذين يسعون إلى استئصال مشاعر الكراهية تجاه الكافرين (الآخر) لا يخالفون الثوابت الشرعية فحسب، بل يصادمون الطبيعة البشرية. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «أصل كل فعل وحركة في العالم من الحب والإرادة، كما أن البغض والكراهة أصل كل ترك» جامع الرسائل 193/ 2.
¥