تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* نقل الباحث مقررًا أن معتنقي الإسلام في ظل السلام بعد صلح الحديبية ستون ضعفًا مقارنة بمن أسلم من قبل، وغاب عن الباحث أن هذا الصلح إنما جاء بعد جهاد مستمر وغزوات متتابعة وسرايا متوالية، والله تعالى هو الحكيم في تقديره وتشريعه، وها هم الكثير بني جلدتنا قد بحّت حناجرهم وكلّت أقدامهم في السعي نحو الغرب من أجل المناشدة بالسلام العالمي، فما زاد الكفار إلا عتوًا ونفورًا عن الإسلام.

* تكلّف الباحث في تأويل قوله تعالى: {ولتجدنّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى .. } فالآية التي تليها تبين أنهم قوم من نصارى آمنوا بمحمد [، حيث قال سبحانه: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} (المائدة: 83).

ولا موجب للشغب والاحتجاج بلفظ «أقرب» و «أشد» فقد يأتي أفعل التفضيل على غير بابه كما جاء في التنزيل ولغة العرب.

* يبدو أن الباحث ـ سامحه الله ـ شرق بآية في كتاب الله تعالى تعكر مقصوده، فأشار إلى رقمها ثم تكلف في تأويلها، أما الآية فقوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزّل عليكم من خير من ربكم} (البقرة: آية 105)، وقد امتطى ـ الدكتور الدغشي ـ مركب التأويل المتعسف، فادعى بلا بيّنة أن هذا من إطلاق «الكل» وإرادة «البعض»، مع أن الآية جاءت باسم الموصول المفيد للعموم (3).

* بالغ الكاتب في حقوق الآخر .. وغفل عن الشروط العمرية وما فيها من الأحكام، ومنها: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشترط على نصارى الشام حين صالحهم ـ ألا يحدثوا في مدينتهم كنيسة، ولا يجددوا ما خرب، ولا يظهروا شركًا، وأن يوقروا المسلمين، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتقلدوا سيفًا، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزّوا مقادم رؤوسهم، ولا يظهروا صليبًا .. فإن خالفوا شيئًا مما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.

قال ابن القيم ـ عن هذه الشروط: «وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول، واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء، وعملوا بموجبها» أحكام أهل الذمة 4/ 2.

وأخيرًا إن علينا أن نأخذ هذا الدين بقوة واعتزاز، ومن ذلك أن نبغض الكفار والمنافقين ونتبرأ منهم كما جاء في النصوص المحكمة، وهذا لا يتعارض مع العدل والقسط إليهم، بل يتفق معه، كما يجب أن نتأسى برسول الله [فننظر فيه بعلم وشمول، فلا يقتصر على جانب كونه نبي الرحمة أو التسامح، كما لا يكتفي بكونه نبي الملحمة، بل إن المتعين أن نشتغل باتباع هديه في الحب والبغض، والولاء والبراء.

وإن يراعى في أثناء تطبيق الولاء والبراء أحوال المسلمين من قوة وتمكين، أو ضعف وعجز، ففي القوة لهم أن يبادروا بالجهاد لأعداء الله تعالى، وفي حال الضعف لهم أن يأخذوا بآيات الصبر والصفح والعفو كما حرر ذلك جمع من المحققين كابن تيمية في الصارم المسلول 413/ 2.

اللهم اجعلنا سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك وبالله التوفيق.

المراجع:

(1). انظر تفصيل ذلك في الرحلات إلى شبه الجزيرة العربية (من إصدار دارة الملك عبدالعزيز) 249/ 1.

(2). انظر هذه الروايات كما ساقها الحافظ ابن حجر في الفتح 180/ 3.

(3). انظر الجواب الصحيح لابن تيمية 55/ 2.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير