وإن قال: لا يفتي فما الفائدة إذا من طلبه للعلم فليكن عاميا إذا.والكلام هنا عن طريقة طالب العلم لا العامي. فهو إذا سيكون طالب تقليد وهو ليس علما كما ذكر.
رابعا: أن قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر} حجة على المقلدة فإن الله سبحانه أمر بسؤال أهل الذكر والذكر هو القرآن والحديث الذي أمر الله نساء نبيه أن يذكرنه بقوله: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} فهذا هو الذكر الذي أمرنا الله باتباعه وأمر من لا علم عنده أن يسأل أهله وهذا هو الواجب على كل أحد أن يسأل أهل العلم بالذكر الذي أنزله على رسوله ليخبروه به فإذا أخبروه به لم يسعه غير اتباعه وهذا كان شأن أئمة أهل العلم لم يكن لهم مقلد معين يتبعونه في كل ما قال فكان عبد الله بن عباس يسأل الصحابة عما قاله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو فعله أو سنه لا يسألهم عن غير ذلك وكذلك الصحابة كانوا يسألون أمهات المؤمنين خصوصا عائشة عن فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في بيته وكذلك التابعون كانوا يسألون الصحابة عن شأن نبيهم فقط وكذلك أئمة الفقه كما قال الشافعي لأحمد يا أبا عبد الله أنت أعلم بالحديث مني فإذا صح الحديث فأعلمني حتى أذهب إليه شاميا كان أو كوفيا أو بصريا ولم يكن أحد من أهل العلم قط يسأل عن رأي رجل بعينه ومذهبه فيأخذ به وحده ويخالف له ما سواه.
خامسا: من يرى التقليد يلزمه أن يقلد الأئمة فيما ذكروا من النهي عن التقليد وإلا كان اول مخالفه لهم ومن ذلك:
1 / قال أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف رحمهما الله: (وأبو يوسف لا يحل لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلناه)
وقال أيضا: (هذا رأيى وهذا أحسن ما رأيت فمن جاء برأى خير منه قبلناه)، ولهذا لما اجتمع أفضل أصحابه ابو يوسف بمالك فسأله عن مسألة الصاع وصدقة الخضروات ومسألةالأجناس فاخبره مالك بما تدل عليه السنة فى ذلك فقال رجعت الى قولك يا أبا عبدالله ولو رأى صاحبى ما رايت لرجع الى قولك كما رجعت.
2 /وقال مالك رحمه الله: (إنما انا بشر اصيب واخطىء فاعرضوا قولى على الكتاب والسنة فما خالف الكتاب والسنة فاتركوه)
وسبق نقل أقوال الإمام الشافعي والإمام احمد رحمهما الله.
سادسا: لايمنع أن يكون المرء عالما بمذاهب الأئمة بل هو أمر مطلوب لكن ليس على التزام هذه المذاهب ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: (لقد أنكر بعض المقلدين على شيخ الإسلام في تدريسه بمدرسة ابن الحنبلي وهي وقف على الحنابلة والمجتهد ليس منهم فقال إنما أتناول ما أتناوله منها على معرفتي بمذهب أحمد لا على تقليدي له)
سابعا: أنا اتعجب ممن يوجب التقليد ويرى أن عدم التقليد جرح وطعن في الأئمة وينسى أنه يطعن في عدم صلاحية الشريعة والوحيين للبشر فالقرآن نزل بلسان عربي مبين والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتكلم بلغة العرب وليس الوحي طلاسم تتلى ولا يفقه معناها وليس الأمر صعب الفهم فهو ليس فيزياء نووية ولا لغز انشتاين بل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نبي أمي بعث ليدعو الناس لعبادة الله على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وألوانهم فكلامه مفهوم وأوامره ونواهيه واضحة وما أشكل من ذلك فيما ورد فيه تعارض او نحوه يمكن لطالب العلم الوصول إلى رفع هذا الإشكال مما ذكره أهل العلم في مصنفاتهم أو بسؤال أهل الذكر عن ذلك.
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 06, 10:12 ص]ـ
الأخ أبو حازم الكاتب بارك الله فيك على توضيحك الشافي جزاك الله خيراً
=============================
توضيحاً لما قاله الأخ.
وإن قلت: من كلام فلان وفلان (من العصريين) قلت: قد قلدت إذن فلم تنكر علي غيرك تقليده لأحد المذاهب الأربعة مع اقتناعه و انشراح صدره بذلك مثلك تماما؟
إن كان الشخص (عامي) لا يستطيع التمييز بين الآدلة فله أن يستفتي العالم ولكن حين يسأله يسله عن الذكر.
قال ابن حزم: ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا لا حيا ولا ميتا وعلى كل أحد من الاجتهاد حسب طاقته فمن سأل عن دينه فإنما يريد معرفة ما ألزمه الله عز وجل في هذا الدين ففرض عليه إن كان أجهل البرية أن يسأل عن أعلم أهل موضعه بالدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
¥