تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول سبحانه: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ} (5)،

ويقول سبحانه: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}، (6)

فبين الله أن القرى التي لا يهلكها، هي القرى التي أهلها مصلحون

ولم يقل صالحون لأن الصالح في نفسه مع عدم تعدية ذلك إلى مَن حوله، لا حاجة للمجتمع به لأنه لا يحمل همّ الجماعة،

فهو يفكر في ذاته، أن يكون آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فقط، ولذلك بشّر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (7)

من عنده هذه الثلاث أنه حيزت له الدنيا وما فيها،

ولم يقل (والآخرة) لأن الآخرة تحتاج إلى تشمير الرجال والتمسك بممدود الحبال.

فالمُصلح هو الذي يعمل على إقامة موازين العدل في الأرض، وبناء المجتمعات بإشاعة القيم المعنوية التي تتعلق بالله سبحانه كالإيمان به والدعوة إليه، ومحبته والخوف منه، وطاعته وترك معصيته، أو التي تتعلق بعباده من نشر المحبة والإخاء والعدالة والإيثار والكرم ورحمة الصغير وتوقير الكبير والمودة في القربى وكف اللسان والإيفاء بالعهود، والعلم والمعرفة والتكافل الاجتماعي ..

إذن فالضمان من عدم الإهلاك هو الإصلاح، وأدناه البسمة والكلمة الطيبة وإماطة الأذى عن الطريق.

فالمسلمون كانوا في كل العصور نجوما يهتدى بها، وشموسا يستضاء بها.

يرسم ضوءها البسمة على شفاه الحائرين.

يسلل دفؤها الطمأنينة إلى قلوب الخائفين.

تغيب بحضورها أنوار المصابيح.

ويعلو برؤيتها صوت التسابيح.

فهلا اغتنمنا الفرصة وقد أتيحت لنا كل السبل لإبلاغ رسالة الإسلام،

والإبانة عن صفائه، ومذاق أصالته، وعذوبة شِرعته، وعصمة منبعه، وانفراد خصوصيته،

فلا يجوز في حقنا أن يحول شيء دون تحقيقِنا هدفَنا.

فنمضي كما مضى خير الخلق بعد رسول الله، ضحَّوا بالغالي والنفيس من أجل تبليغ دعوة الحق،

وبذلوا الأموال والأنفس في سبيل ذلك ابتغاء مرضاة الله. ففقهوا لا إله إلا الله وبلّغوا لا إله إلا الله، وعاشوا على لا إله إلا الله، وماتوا على لا إله إلا الله.

فماذا ننتظر أحبتي! هذه هي التجارة الرابحة، التجارة مع الله، تجارة ريعها الجنة، وعروسٌ مهرها السير على طريق الأنبياء، بحلوها ومرها، بسرائها وضرائها،

ولا يخفى ذلك على من له أثارة من علم بالإسلام، أوفي قلبه مثقال حبة خردل من إيمان.

أما الطريقة: فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يدعو إلى الله متعاملا مع كل ظرف بما يناسبه،

فيقدم ما حقه التقديم ويؤخر ما حقه التأخير، وكيف لا وهو الصورة العملية، والمثال التطبيقي الكامل لدين الله.

ففي شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة جهز النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جيش العسرة في غزوة تبوك،

وفي عين السنة استقبل المشركين من وفد ثقيف وغيرهم في مسجده وهو يدعوهم إلى الله،

وهي ذات السنة على الراجح التي ناظر فيها نصارى نجران، فعامل كل قوم بحسب حالهم،

فدعا باللسان من يحتاج إلى دعوة باللسان، وناظر من جاءه للمناظرة، وقاتل من احتاج للقتال،

فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما. فالهدف واحد والوسائل شتى كالأدوية بحسب الحاجة، وبالجرعة المناسبة.

فمن خلّط في الوسائل، وجعل عاليها السافلَ، فقد ضل سواء السبيل. وجاء من الرأي بالعليل.

إذن، علينا أن نوظف كل الطاقات، بغية تحقيق أسمى الغايات، داعين المجتمع الغربي إلى الله بأحسن الوسائل،

فنحاول ونحاول. فنستعد بالابتسامة والاستضافة والشريط والمحاضرة والمحاورة والصفحة الاليكترونية، والكتاب ...

بله ما ينبغي أن يتحلى به المغترب العادي من شروط قائمة فيه، لا يستقيم حال الدعوة إلا بها:

- أولا: حسن الخلق -

يتبع


(4) سورة الملك الآية 28
(5) سورة الأنفال، آية 25
(6) سورة هود، الآية 117
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير