تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحب لله تعالى يقتضي الاتباع كما قال "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني" .. ولايكون الاتباع لأحد في الأصل إلا عن معرفة به .. وهو ما يلزم من الخشية

قال الراغب "الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه" .. وهذا دقيق بتأمل السياقات التي ورد فيها ذكر الخشية ..

والخشية تمنع صاحبها من الكذب .. الذي ينافي العلم .. ويناقضه جملة وتفصيلا .. ولهذا ترد رواية الضعيف فضلا عن الكذاب أو المتهم ..

ولهذاأيضا تجد الخوارج لا يقعون في الكذب ويروي عنهم البخاري وغيره .. يرغم بدعتهم المغلظة .. ولا يكفّرون على الصحيح .. وبدعتهم على التحقيق: أنهم عبدوا الله بالخوف وحده ثم غلوا فيه حتى عميت أعينهم عن آيات سوى الترهيب .. بخلاف الرافضة فهم أكذب الطوائف

وأما الرجاء .. فالغالب في الناس أنهم يرجون الله وما عنده .. لأن النفس مجبولة على حب ذاتها والطمع .. دون ارتباط ذلك بالعلم بنفس الوتيرة الذي يرتبط به الخوف .. أو الخشية بتعبير أدق

فإن قيل قد قدّمت الخوف على منزلة الحب .. والمعلوم أن الحب بمثابة رأس الطائر كما يقول الإمام بن القيم .. والخوف والرجاء جناحاه

قلت: ليست الخشية هي ذات الخوف .. بل هي معنى يلتئم من الخوف والتوقير والإجلال"فلا تخشوهم واخشوني"

والتعظيم والتوقير المبني على حق .. يتضمن الرجاء في المعظّم .. بدليل سيدة السور فإذا قال العبد" مالك يوم الدين" قال الله مجدني عبدي فدل أنه تعظيم .. وحينئذ .. يقول العبد"اهدنا الصراط المستقيم" .. والدعاء رجاء

وبدليل سيد الاستغفار .. فإن العبد يقدم بين يدي حاجته تعظيما فيقول"اللهم أنت ربي خلقتني .. إلى أن يقول فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"

ثم هذا التوقير والتعظيم .. يقتضي الطاعة .. والطاعة علامة المحب كما قال الشاعر:

لو كان حبك صادقا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع ..

كما أن المقصود بيان علاقة الخشية بالعلم علاقة السبب بالمسبب .. فهي أوثق من علاقة الحب به .... ذلك أن آية حب الله الاتباع .. ولايكون الاتباع حقيقيا بل لا يكون متصوّرا إلا عن خشية .. تورث علما .. أو عن علم يورث خشية

ولهذا تميّز الأئمة والعلماء الصّديقون الربانيون .. عبر الزمان بقولهم الحق .. دون أن يخافوا في الله لومة لائم ..

ولو أدى ذلك إلى سجنهم أو قتلهم .. أو التنكيل بهم .. لسبب يسير ألا وهو تقديم خشيتهم لله على خشية من سواه"فالله أحق أن تخشوه"

وكان السلف كما يفهم من كلامهم .. يغلبون في الوعظ جانب الخوف على الرجاء .. إلا من وجدوه قانطا عالجوه بما ينفعه من الرجاء .. والمتتبع لآي القرآن .. يجد أن النار مذكورة أكثر بكثير .. من الجنة .. وهذا بميزان العليم القائل"ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"

ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 09:37 م]ـ

"الرحمن* علم القرآن*خلق الإنسان*علمه البيان"

مقدمة هذه السورة الشريفة .. نبهت على أصل العلم .. وهو الوحي القرآني ..

فلابد على طالب العلم .. أن يتقصد البدء بحفظ كتاب الله .. وفهم معانيه ..

ولما كان القرآن عربيا .. ألمحت الآية إلى أن علم القرآن متعلق بالبيان ..

فيلزم ممن قصد فهم الكتاب ومقاصده وأسراره وإعجازه .. أن يكون متضلعا بالقدر الكافي من العربية .. وهذا جلي في قوله ""كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون"

وأوحت الآية كذلك .. بطريق الإيماء .. أن صاحب القرآن قوي الحجة .. لأن البيان اسم مصدر من بيّن ..

وخير البيان هو القرآن .. فمن اختلط حبه للقرآن بشحمه ودمه .. أكسبه ذلك قوة في الحجة .. وبراعة في المنطق والبرهان

ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 09:44 م]ـ

"اقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من علق*اقرأ وربك الأكرم*الذي علم يالقلم*علم الإنسان مالم يعلم"

تضمنت هذه الآيات على نفائس .. والسعيد من يوفقه الله بالعمل بها بعد الظفر بفهمها ..

الأولى-أن الله تعالى قيّد تعليمه الإنسان .. بالقلم .. فدل أن معالجة آفة نسيان العلم تكون بتقييده بالقلم .. بالتلخيص وتدوين الفوائد والنكت والملاحظات

الثانية-أن الأمر بالقراءة .. جاء معدّى بباء الاستعانة .. والمعنى أن فهم القرآن خاصة والوحي بعامة وما يتفرع عنه من علوم ..

لابد أن يصحبه من الاستعانة بالله والافتقار إليه والتوكل عليه .. والتنصّل من الحول الذاتي .. إلى حول الله وقوته .. ما على مثله تتحقق معية الله تعالى وعنايته وفتحه على السالك في مدراج العلم .. ولا يخفى مافي التوسل باسم الرب من التوفيق والتسديد والإلهام .. لأن الربوبية مصدر جامع لمعاني أسماء الله تعالى وصفاته .. وهي حجة الله على عباده في إلزامهم بتأليهه"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله"

وسير أكابر أئمة أهل العلم .. ملأى بما يدل على عنايتهم بهذا الشرط .. ومن أبرز ذلك ما كان من أمر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى

فلطالما عفّر وجهه بالتراب في المساجد المهجورة .. وهو ساجد يقول: اللهم يا معلم إبراهيم علمني ويا مفهم سليمان فهمني .. ولهذا قال الملائكة" سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا"

الثالثة:-تكرار لفظ فعل الأمر"اقرأ" مرتين .. ويقارنها تكرير لفظ الفعل الماضي"علّم" ..

وفي ذلك إشارة إلى أن القراءة مرة بعد مرة .. والمراجعة تلو الأخرى .. وترديد المحفوظ بعد الترديد ..

شرط في ثبوت العلم .. وازدياد الفهم للمعلوم ..

وليس عبثا أن يأتي فعل التعليم .. بصيغة الماضي الدال على التحقيق .. في حين جاء فعل القراءة بصيغة الأمر

كأن الله تعالى يقرر أنه كما خلق وهو أمر لا يجادل فيه أحد .. فإنه سبحانه هو من علّم .. وما عليك يابن آدم .. سوى القراءة بتحقيق الشروط

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير