ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:33 ص]ـ
عاشرا-الأدب-يبدو جليا في جواب موسى عليه السلام"ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا"
وههنا أدب مع الله .. بقوله"إن شاء الله" .. وأدب مع شيخه .. بوعده بالصبر .. وعدم عصيان أي أمر ..
لأن النكرة جاءت في سياق النفي في قوله"ولا أعصي لك أمرا" .. وذلك يعمّ
والعجيب أن موسى عليه الصلاة والسلام .. مع استثنائه بقوله " إن شاء الله" .. لم يصبر
فالله تعالى لم يشأ لحكمة بالغة ..
وقد منع موسى من ذلك غضبُه وحدته ..
ولو صبر وتحلّم .. لتعلم وتعلمنا كثيرا ..
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:46 ص]ـ
الحادي عشر-الحفظ .... وعدم الركون إلى المخزون في المكتبة .. فما العلم إلا ما حواه الصدر
يقول الإمام الشافعي
علمي معي حيثما يممت يتبعني .. قلبي وعاء له لا جوف صندوق ِ
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي .. أو كنت في السوق كان العلم في السوق ِ
وقال الإمام ابن حزم بعد تعرضه لفتنة حرق كتبه
فإن يحرقوا القرطاس لا يحرقوا الذي
تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي
ويمكث إن أمكث ويدفن في قبري ..
وقد أجاد ابن حزم فيما يبدو لي فوق إجادة الشافعي في وصف ذات الأمر ..
وعدا جماعة من الشطار على قافلة كان فيهم أبو حامد الغزّالي فترجّاهم وقال .. :خذوا كل شيء ودعوا لي كتبي .. فنظر إليه الله اللص شزرا .. وقال ما معناه: بئس طالب العلم أنت!
لو كنتَ عالما لحفظتها .. فتأثر الغزالي من يومها وعزم أن يحفظ ما يتعلمه
وهذا الشرط يهمله كثير من طلبة العلم بحجة أن الفهم يكفي وهو باطل .. فعود نفسك أن تحفظ كلما وقعت عينك على فائدة .. بحسب تيسير الله لك .. بدءا بالكتاب ثم السنة .. وغير ذلك
ويشير إلى هذا بالتلميح قول الله تعالى"نسيا حوتهما" .. وقول يوشع بن نون"وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره"
فلما نسيا .. استدركا وعادا أدراجهما .. وهكذا النسيان يعالج بالعود على بدء مع كل محفوظ .. لترسيخه في الذهن
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:51 ص]ـ
الثاني عشر-العدل .. من القيم العزيزة .. التي تلبس طالب العلم تاج القبول
وتزين علمه بالصدق والاعتبار والبركة ..
وقد برز عدل موسى عليه السلام جليا .. فحين أنكر على الخضر في الحادثتين الأوليين كان شديدا لأن ظاهر الأمر الفساد البالغ .. فشدد عليه في النكير .. بخلاف الحادثة الثالثة .. فتلطف في الإنكار .. لأن ظاهر عمله الإحسان فقال"لو شئت لاتخذت عليه أجرا" .. بصيغة "لو" .. الدالة على التحبيذ
ثم الحادثة الأولى .. عبر عن المنكر بقوله"لقد جئت شيئا إمرا" .. في خرق السفينة ..
وفي الثانية اختلف توصيفه فقال "لقد جئت شيئا نكرا".على خلاف بين العلماء .. أيهما أشد وأبلغ النكر أم الإمر؟
قيل الإمر لأن حاصل خرق السفينة .. إغراق جماعة كثيرة ..
وقيل بل النّكر .. لأنه ذكره عقيب سفك دم ظاهر العمد في حق غلام
وليس المقام مقام ترجيح .. ولكن عدل موسى ظاهر حتى حين أخطأ التقدير وظن أن ما قام به الخضر من المنكرات
بخلاف بعض المنتسبين لطلب العلم .. فتجدهم إذا ناظروا أشعريا أو رافضيا .. لم تشعر من كلامهم سوى أنهما على نفس الدرجة من الضلال .. مع أن الفرق بينهما .. كالفرق بين السماء والأرض ..
وكذلك يخلط الكثير بين المبتدع القح المصر على بدعته الداعية إليها .. وبين المجتهد الذي يُعذر .. أو حتى المبتدع الذي يحتفظ ببدعته دون دعوة غيره إليها .. والبون بينهما كبير شرعا وعقلا
وقس على ذلك عامة الأحكام .. يصدرها بعض طلبة العلم الذين لم يتخذوا منهج العدل ضابطا ..
فيسقطون بالكلية .. من يخطيء في مسألة هنا أو هناك .. أو يجردون أقلامهم كأشد السيوف الصوارم .. في مقارعة من يخطّيء عالما يتعصبون له ويحبونه ..
وذلك آفة الحيدة عن العدل .. فهو بين إفراط وتفريط
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:58 ص]ـ
وأختم بلطيفة ..
قال الله تعالى"قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين"
وهذا تشريف لأهل العلم عجيب .. فإن لهم -حتى يوم القيامة- مقاما كمقامهم في الدنيا من الحكم في القضايا والإفتاء فيما أشكل .. فهذا الذي سجل الله أنهم يقولونه .. هو رديف قوله سبحانه عن الكافرين"ثم يو القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم" .. وههنا .. عقّب الله تعالى بذكر قولهم الذي يشبه الفتوى "قال الذين أوتوا العلم:إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين" .. فهو يستشهد سبحانه بكلامهم .. وما أعظمه من تشريف .. !
وأظهر من ذلك في بيان شرفهم أنه استشهدهم على أعظم شهادة ,وحدانيتٍه سبحانه فقال عز من قائل"شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط"
ومن بديع هذه الآية .. أن الله تعالى لم يخص الأنبياء-صلوات الله وسلامه عليهم- بذكر .. فدخلوا هم وورثتهم في مدلول"أولو العلم"
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 01:02 ص]ـ
نسيت آية .. قبل الشروع في قصة موسى والخضر عليهما السلام .. فأستدركها
"قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" .. لعل الحمد مما يمتاز به أهل العلم .. وكما في الآية الأخرى""هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون"
فتجد أحدهم إذا استفتي بدأ جوابه بالحمدلة .. شكرا لله أنه علمه هذا الذي سيجيبه
وعندما علم الله تعالى سليمان عليه السلام منطق الطير والدواب .. وسمع كلام النملة قال"رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي"
والآية تربط بين العلم والحمد من طرف خفي .. فكان لزاما على الطالب أن يستحضر نعمة الله وشكره في كل شيء فهمه وحفظه .. ويستودع الله تعالى بهذا الحمد أن يبارك في علمه ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥