ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:05 ص]ـ
رابعا-التواضع .. وهو من أعظم الشروط وأبرز معالم طالب العلم الحقيقي الذي طلب العلم ابتغاء مرضاة الله .. ونفع الأمة,,وإعزازها ..
فتأمل كيف قال موسى عليه السلام وهو كليم الله تعالى وذو المقام الرفيع ومن أولي العزم"هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا"
1 - فأتاه بصيغة السؤال .. لا بصيغة الجزم .. وفي هذا من التواضع والأدب ما لايخفى .. فلم يقل له: أريد أن تعلمني .. ولكن تلطف تواضعا فقال: هل .. وعلاقة الأدب بالتواضع .. من علاقة الصفة بلازمها .. وهي كعلاقة الرجولة بالشجاعة .. أو الشهامة بالكرم
2 - ثم قال "أتبعك" .. فهو تابع .. ومن يأنف اتباع أهل العلم الراسخين .. فاته المقصود .. حتى لو كانوا أصغر منه سنا .. وقديما قال السلف: اثنان لا يتعلمان المستحي والمتكبر
3 - وأيضا قوله"تعلمن" .. ولم يقل تذاكرني .. أو تدارسني .. أو تبادلني النقاش العلمي ... كأنه ند له وصاحب .. (مع كونه أفضل منه قطعا!) .. ولكن نسب العلم إليه
4 - ثم قال"من ما علمت رشدا" .. أي أريد بعض ما عندك فحسب .. لا كل ما لديك من علم
ولاشك أن من تكبر من العلماء ففيه شبه من إبليس .. الذي غره علمه .. فاستحق اللعنة
وفيه شبه باليهود .. الذين استحقوا غضب الله ولعنته
فتدبر كيف اختزلت جملته القصيرة .. كل إشارات التواضع لله والذلة على أخيه .. كما قال تعالى في صفة الأبدال"أذلة على المؤمنين " .. فما ظنك بطلبة العلم منهم .. كيف ينبغي أن يكون؟
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:15 ص]ـ
خامسا-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وهي من زكاة العلم الواجبة
والنصاب فيها مبلغ كل واحد من العلم .. فيما يعرف وينكر .. بشرط إعمال الحكمة
وقد اشتملت القصة على إنكار موسى على الخضر في ثلاثة مواقف ..
فكان أول ما أنكر عليه"أخرقتها لتغرق أهلها"؟
ولم يحتمل أن يرى ما يظنه منكرا دون السكوت عليه .. حتى مع من له فضل عليه
وفي هذا أدب الشفافية والصدق والعدل .. وعدم التعصب للمشايخ .. بنفي أي خطأ عنهم .. وإنزالهم منزلة المعصومين بلسان الحال
بل نصحهم وتبيين خطئهم بأدب الإسلام ..
والعالم الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر .. عالم سوء .. بحسب انتفاء ذلك عنه
وقد وصف الله خسة كثير من علماء بني إسرائيل واستحقاقهم اللعنة على لسان داود وعيسى بن مريم أنهم "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه"
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:16 ص]ـ
سادسا-التضحية .. فتهون على الإنسان نفسه في سبيل طلب العلم ..
وذلك جلي في فعل موسى حيث ركب السفينة وهي مخروقة .. وخاطر بحياته .. وأرخصها في سبيل العلم الشرعي المفضي إلى مرضاة الله عز وجل
وقد ارتحل جابر
بن عبد الله رضي الله عنه من البصرة للمدينة .. في طلب حديث واحد!
وعبد الله بن أنيس .. رضي الله عنه كذلك
من المدينة إلى الشام .. في طلب حديث واحد
ويدل عليه أيضا مجاهدة موسى في الوصول للخضر وفرحه بظهور الآية فقال "ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا" .. وقطعه المفاوز الطوال دونما يأس
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:17 ص]ـ
سابعا-معصية الشيطان .. الذي يوحي بالأهواء
فإن تسلطه على المرء سبب للنسيان وانعدام البركة في العلم
ولذك عزا فتى موسى النسيان إليه .. فقال"وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره"
ومن أعظم ما يعين على طرده وكبح وساوسه ذكر الله تعالى
ففي مسند أحمد بسند صحيح"أنا مع عبدي ما تحركت بي شفتاه"
ومن أشهر ما قيل في ذلك .. قول الإمام الشافعي:-
شكوت إلى وكيع سوء حفظي .. فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور .. ونور الله لا يؤتى لعاص
ووكيع بن الجراح .. من أكابر أهل العلم .. وفي طبقة شيوخ الشافعي
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:26 ص]ـ
ثامنا-
الرحمة .. واقترانها بالعلم .. سبب للبركة فيه ووضع القبول في الأرض
فإن طالب العلم إذا كان قاسيا زهد في علمه الكثير .. وكما قال تعالى في أعلم الخلق صلى الله عليه وسلم "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا
من حولك" .. وانتزاع الرحمة منه آفة تورث العجب بنفسه وغمط الناس حقهم .. وجحد ما عند الآخرين من صواب
يدل عليه من قصة موسى "فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنّا علما"
وهذه الرحمة في الأصل خاصة بما سوى الكافرين .. من مؤمنين .. وتشمل المخلوقات من دواب ونحوها
أما الكفار .. فكما قال تعالى في صفة الصحابة"أشداء على الكفار رحماء بينهم"
وقد كان أبو بكر أعلم الصحابة .. وكان مع ذلك أرحمهم .. كما تدل سيرته ومناقبه
أما حديث الأوسمة .. وفيه "أرحم أمتي بأمتي" .. فأعله السخاوي .. فهو ضعيف
والله أعلم
ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[23 - 12 - 06, 12:32 ص]ـ
تاسعا-الصبر .. حتى كان أول ما سجله الله تعالى على لسان الخضر أن قال لموسى"إنك لن تستطيع معي صبرا" ..
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله موسى لو كان صبر لقصّ الله علينا من أمرهما
فدل أن الصبر والمصابرة .. التي هي الصبر على الصبر .. سبب للعلم الكثير .. كما أن نقصه سبب للحرمان
ثم إن الإحاطة بالعلم .. والتوسع فيه .. سبب رئيس للصبر .. كما أن الصبر شرط للتعلم
يدل عليه قول الخضر"وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا"
واختتمت القصة بقول الخضر"ذلك تأويل مالم تسطع عليه صبرا" ..
فمعرفة مآلات الأمور وتفسيرها واستنباط الأحكام واستكناه الدلائل .. كل ذلك وثيق الصلة بصبر العالم والمتعلم .. والمبتدي والمنتهي .. إذا جاز أن نقول:منتهٍ
¥