يستغل المؤمن هذه الأيام بطاعة الله وذكره والقيام بالواجبات من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك فإنها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام، فالعمل فيها وإن كان مفضولاً فإنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى اللَّه من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رَسُول اللَّهِ ولا الجهاد في سبيل اللَّه؟ قال ولا الجهاد في سبيل اللَّه إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) البُخَارِيُّ , فإذا ما أهل هلال الشهر عمل بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره) مسلم , وهذا النهي ظاهرة أنه يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، كما يحافظ المؤمن على التكبير في هذه الأيام في جميع الأوقات من ليل أو نهار إلى صلاة العيد , وقد كان (ابن عمر أبي هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في العشر، فيكبرون ويكبر الناس بتكبريتهما) البخاري، وقد روى إسحاق رحمه الله عن فقهاء التابعين رحمة الله عليهم أنهم كانوا يقولون في أيام العشر (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) , ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها لقوله تعالى (وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة 185. فإذا ما جاء يوم عرفة اليوم الذي قال عنه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم (ما من يوم أكثر من أن يعتق اللَّه فيه عبداً من النار من يوم عرفة) مُسلِمٌ , يقوم المؤمن بصيام هذا اليوم فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عن صوم يوم عرفة؟ (يكفر السنة الماضية والباقية) مُسلِمٌ
عيد الأضحى
يعلم المؤمن أن للمؤمنين في الدنيا ثلاثة أعياد لا غير، عيد يتكرر في كل أسبوع وهو يوم الجمعة، وعيدان يأتيان في كل عام مرة، وهما عيدا الفطر والأضحى، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما، فقال (إن الله قد أبدلكم يومين خيراً منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى) صححه الألباني , فأبدلنا الله بيومي اللهو واللعب يومي الذكر، والشكر، والمغفرة، والعفو , فيبدأ المؤمن التكبير من ليلة العيد في الأسواق، والبيوت، ودبر الصلوات المكتوبة، وفي الطريق، وقبل الصلاة؛ وصفته: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"؛ ويستمر التكبير حتى صلاة عصر ثالث أيام التشريق.
يغتسل المؤمن و يلبس أحسن ثيابه ويتطيب لصلاة العيد، ثم يذهب إلى المصلى يصلي العيد جماعة في المصلى والصحارى، ولا تُصلى في المسجد إلا لضرورة , ومن السنة أن يرجع من المصلى بطريق غير الطريق الذي جاء به , وبعد الفراغ من الصلاة والخطبة يتعجل المؤمن بذبح أضحيته، ومن لم يتمكن من الذبح في اليوم الأول ذبح في اليوم الثاني أو الثالث.
وبعد يوم العيد و أيام التشريق (وهى الأيام التي بعد يوم النحر وقد اختلف العلماء في كونها يومين أو ثلاثة أيام بعد يوم النحر) يكثر المؤمن من ذكر الله ولا يجوز للمؤمن صيام هذه الأيام عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا فَقَال (كُلْ فَقَالَ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ عَمْرٌو كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا) صححه الألباني. قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم (أيام التشريق أيام طعم وذكر) صححه الألباني
من كان آخر كلامه لا إله إلا الله
وبعد انقضاء العمر يجب أن تحين ساعة الفراق من هذه الدنيا ولأن الدنيا كما اخبر عنها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها) صححه الألباني , فبقاؤنا في هذه الدنيا إنما ساعة ثم نرحل عنها فنسأل الله أن يكون آخر كلامنا فيها لا إله إلا الله قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) صححه الألباني.
فضل الله
ومرت الأيام والأسابيع والشهور والسنين ولم يبقى للإنسان إلا ما قدمه قبل لحظة الموت أن تحين قال الله تعالى في الحديث القدسي (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم. ثم أوفيكم إياها. فمن وجد خيرا فليحمد الله. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) مسلم , وهكذا انتهاء عمر الإنسان ولكن لم يزل باق فضل الرحمن حتى بعد انقضاء اجل الإنسان قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أربع من عمل الأحياء يجري للأموات رجل ترك عقبا صالحا فيدعو فيبلغه دعاؤهم ورجل تصدق بصدقة جارية له من بعده أجرها ما جرت ورجل علم علما يعمل به من بعده فله مثل أجر من عمل به من غير أن ينتقص من أجر عمله شيئا ورجل مرابط ينمى له عمله إلى يوم الحساب) صححه الألباني.
¥