تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" ولدت فاطمة في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، واتجهت إلى طلب العلم مقتدية بوالدها الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي غرس في أبنائه الحرص على التحصيل العلمي، فكان البيئة التي عاشت فيها أثرها الواضح في نشأتها، واكتسبت حصيلة علمية جيدة نشرتها بين الناس ..

فكانت تقوم بتدريس النساء والرجال، وإذا كان تدريسها للنساء متوقعاً ومعروفاً فإن تدريسها للرجال كذلك، نستدل عليه مما يروى أنها كانت تجلس لطلاب العلم وتجعل بينهم وبينها سترة أثناء التدريس (9).

فاطمة المهاجرة:

لقد هاجرت فاطمة بعد سقوط الدولة السعودية الأولى مثل بقية أفراد أسرتها من آل الشيخ – رحمه الله – فراراً بدينها:

" كانت فاطمة من بين هؤلاء حيث خرجت مع ابن أخيها علي ابن حسين.

ويبيّن عثمان بن عبدالله بن بشر أن علي بن حسين كان في منتصف صفر 1235هـ/ الأول من ديسمبر 1819م في رأس الخيمة، حين قدم إليها البريطانيون بحملتهم الثالثة على القواسم فهرب منها.

في حين يبيّن هاري سنت جون فيلبي H. St . John Philby أنه خرج من الدرعية إلى قطر ومنها توجه إلى عمان.

وأما عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ فيقول: إن علي بن حسين هرب إلى عمان وقطر وأقام فيها، ويظهر من كلام آل الشيخ أن علياً ذهب إلى عمان ثم قطر التي أقام فيها. وهو على عكس رأي فيلبي.

ويذكر حمد الجاسر: أن فاطمة انتقلت إلى عمان مع علي بن حسين بعد سقوط الدرعية.

وفي اعتقادنا أن علي بن حسين ومعه فاطمة توجها بعد خروجهما من الدرعية إلى رأس الخيمة نظراً للارتباط السياسي الذي كان قائماً بين الدرعية ورأس الخيمة، إذ كان القواسم من الناحية السياسية تابعين للدولة السعودية الأولى، وبعد هجوم البريطانيين عليهم (أي القواسم) خرج علي بن حسين ومعه فاطمة إلى عمان، ولذلك سميت فاطمة ب "صاحبة الهجرتين "، وفي اعتقادنا أيضاً أن هذه التسمية أطلقت عليها لخروجها إلى رأس الخيمة مقصداً لهجرتها الأولى، ثم إلى عمان مقصد هجرتها الأخرى.

وفي عمان عملت فاطمة على نشر العقيدة السلفية بين العمانيين طوال فترة إقامتها هناك، وعندما استقرت أحوال نجد بتأسيس الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله (1240 - 1249 هـ/1834 - 1825م) عادت إلى الرياض مع ابن أخيها " اهـ (10).

يا لها من هجرة وفرار من أجل الدين .. وثبات على العقيدة .. ورسوخ في الإيمان .. وصدق في اليقين بالله ..

الغربة وآلامها والحنين إلى أرض الأجداد ومهد الطفولة .. ما منعت فاطمة بنت الشيخ محمد من طلب العلم .. بل والتفرغ للدعوة إلى توحيد الله في دار هجرتها .. فكانت بفضل الله وتوفيقه أحد عوامل انتشار الدعوة السلفية في عمان بسعيها واجتهادها وإصرارها لنصرة ربها تبارك وتعالى .. مثل ما كان والدها – رحمه الله – منار إحياء عقيدة ونهج محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بإحسان من السلف الصالح في الجزيرة.

فاطمة العالمة العاملة:

" ومن الصفات التي اتصفت بها أنها كانت عفيفة شجاعة، يؤكد على ذلك ما روي من أن رجلاً دخل بيتها متخفياً بزي امرأة لرؤيتها فكان أن لقنته درساً قاسياً " (11).

ولقد انطبعت شخصية فاطمة بقوة شخصية والدها – رحمهما الله – و ثباتها على قول الحق والعمل به في موقف عقيدي رائع:

" ومما يروى من أخبارها أنها حين سارت إلى الحج مرّت بقبر على مقربة من قرية الزيمة، فطلب سادن (12) القبر من قائد راحلتها أن يقدم هدية لصاحب القبر بدعوى أنه ولي، فانتهره، وقال: لا أقدم له إلا التراب.

فتكلمت وهي في الهودج قائلة: " ولا تقدّم حتى التراب ".

ثم استدلت بحديث: " ودخل النار رجل في ذباب " (13).

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –:

" والعجب أنهم في العراق يقولون: عندنا الحسين، فيطوفون قبره ويسألونه، وفي مصر كذلك، وفي سوريا كذلك، وهذا سفه في العقول، وضلال في الدين. والعامة لا يُلامون في الواقع، لكن الذي يُلام من عنده علم من العلماء ومن غير العلماء " اهـ (14)

" توفيت فاطمة – رحمها الله - في الرياض، ودُفنت في مقبرة العود.

وقد شغلها العلم والتنقل من الالتفات إلى حياتها الخاصة، فلم تتزوج، رغم أنها كانت موصوفة بالجمال " اهـ (15)

الله أكبر!

والد فقيه معلم .. وابنة تلميذة نجيبة .. عاشا وماتا في سبيل تحقيق هدف واحد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير