تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعاً: المزية الرابعة في كلامه في الفقهيات أنه -رحمه الله تعالى- ظهر في كلامه تطبيق أصول الفقه فهو حين يتكلم على المسألة ويورد أدلتها يستنبط، وهذا الاستنباط يوافق القواعد المعروفة في علم أصول الفقه ومن المعلوم أن علم أصول الفقه مبنيٌّ على أربعة أركان الحكم/ والدليل/ والاستدلال/ والمستدل. وشيخ الإسلام يخلط هذه جميعاً ويستحضرها استحضاراً واحداً فتارة تجد أنه في المسألة الواحدة يأتيها من جهة النظر في الحكم ومن جهة النظر في الاستدلال ومن جهة النظر في الركن الأخير وما فيه من قواعد الترجيح ... إلى غير ذلك فمن لم يدرك أصول الفقه فإنه يكون نظره في كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة ضعيفاً وهذا ظاهر في أنَّ من الناس من لم يتصور أدلة شيخ الإسلام ابن تيمية وربما استدل بدليل أورده شيخ الإسلام ابن تيميَّة ولم يدرك موقع الاستدلال، أورد الدليل لكن ما وجه الاستدلال؟

لم يدرك ذلك؛ وذلك لأن معرفة الاستدلال مبنيٌّ على وسيلته وهي أصول الفقه إذ الاستدلال هو الركن الثالث من أركان أصول الفقه وهذا يحتاج إلى دقة نظر في المطالع لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية لأصول الفقه وهو في أصول الفقه ليس مقلداً تماماُ وإنما له اجتهادات في مسائل من أصول الفقه لم يجتهد في كل المسائل كاجتهاد الأئمة المستقلين أحمد والشافعي ومالك ... إلى آخر أولئك، ولكنه له اجتهاد في بعض المسائل مُدوَّنٌ اجتهاده في الْمُسَوَّدة في أصول الفقه فمن المسائل ما يوافق فيها مذهب الحنفية ومن المسائل ما يوافق فيه مذهب الشافعية يعني في أصول الفقه وإن كان أكثر اتِّباعه في مسائل أصول الفقه لكلام أئمة الحنابلة -رحمهم الله تعالى-.

خامساً: المزية الخامسة كثرة إيراده للنظائر وهذا علم مهم أعني به علم النظائر في الفقه لأن المسائل الفقهية إذا تواردت وصارت نظائرها كثيرة قويت المسألة وقَوِيَ تأصيلها، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يورد النظائر ويكثر منها فيما أسميناه في المحاضرة [السابقة] بالاستطراد فإنه إذا أصَّل مسألة يبدأ بذكر النظائر لهذه المسألة التي يريد منها أن يبيِّن أن هذه المسألة موافقة لنظائر كثيرة جاء الشرع بالتوافق في الحكم فيها مع المسألة الأصلية التي عَرَضَ لها فهذا لا شك أنه من علوم المجتهدين لكن ليس كلٌّ يدرك معنى هذه النظائر التي يوردها شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه.

سادساً: المزية السادسة من مزايا كلامه -رحمه الله- التعليل بمقاصد الشريعة وهذا مما انفرد به شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى فإنه أكثر جداً من التعليل بمقاصد الشريعة. نعم كان العِزُّ ابن عبد السلام الصوفي الأشعري –رحمه الله تعالى- كان كثير الإدارك لذلك أعني لإيراد الفتاوى بناءً على المقاصد وله فيها مؤلفات من القواعد الكبرى والقواعد الصغرى وغير ذلك لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- تمَّيز بعرض مقاصد الشريعة على أصول السلف وهذه لم يُسبق إليها على نحو ما أورد في فتاويه وفي بحوثه واعتنى في مقاصد الشريعة بتصنيف الفروع على المقاصد.

مقاصد لها أقسام منها أقسام راجعة إلى المُكلَّف ومنها مقاصد راجعة إلى أحكام المعاملات ومنها مقاصد راجعة إلى الأحكام العامة في السياسة،والسياسة الشرعية وغير ذلك، شيخ الإسلام صنَّف الفروع بناءً على المقاصد وهذه لا شك تحتاج إلى نظر مَنْ هَضَم أدلة الشرع والمسائل والتحقيق فيها حتى يستطيع أن يُلْحق كل مسألة بمقاصدها في الشرع وهذه ينبغي لطلاب العلم أن يهتموا بها لأن المسائل الفقهية أعني حكم المسائل الفقهية هذا ينبني على مقاصد الشريعة. شيخ الإسلام كثيراً ما يذكر أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وهذا ينبني عليه كل الأحكام الفقهية فإذا نظر في مسألة لم ينظر إليها من جهة الدليل فقط، فإذا تنازع المسألة عدة أدلة فعندما ينظر إليها مع ذلك بهذه الأمور التي ذكرنا من أصول الفقه والنظائر والمقاصد والفقه والقواعد الفقهية كما سيأتي. إذاً فمقاصد الشريعة من العلوم المهمة ومن أخطاء الناظر في كلام شيخ الإسلام الفقهي أنه إنما يهتم حين النظر بالدليل من النقل وهذا لا شك أنه باطلٌ فقهياً راجعٌ إلى عدم معرفة العلم على حقِّه وإنما الناظر لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ينبغي له أن يدرك ما تنبني عليه الأحكام. والأحكام لا تنبني فقط على الدليل من الكتاب والسنة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير