ثم قال الحاكم: هذا حديث محفوظ من حديث أيوب، وهشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مختصراً دون ذكر الأسامي الزائدة فيها كلها في القرآن، وعبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ثقة وإن لم يخرجاه وإنما جعلته شاهداً للحديث الأول- أي حديث الوليد بن مسلم -.
وتعقبه الحافظ ابن حجر بقوله: وفي كلامه مناقشات:
1 - جزمه بأن عبد العزيز ثقة مخالف لمن قبله، فقد ضعفه يحيى بن معين، والبخاري، وأبو حاتم وغيرهم حتى قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.
2 - شرط الشاهد أن يكون موافقاً في المعنى، وهذا شديد المخالفة في كثير من الأسماء.
3 - جزمه بأنها كلها في القرآن ليس كذلك؛ فإن بعضها لم يرد في القرآن أصلاً وبعضها لم يرد بذكر الاسم (7). انتهى.
وأخرج هذا الطريق البيهقي في الأسماء والصفات، ثم قال: "تفرد بهذه الرواية عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، وهو ضعيف الحديث عند أهل النقل؛ ضعفه يحيى بن معين، ومحمد بن إسماعيل البخاري" (8).
وحديث عبد العزيز بن الحصين ضعيف لعدة أمور؛ منها ما ذكره الحافظ ابن حجر،
ومنها ما يلي:
1 - أن لفظة (الحنان) التي ذكرها عبد العزيز بن الحصين في هذا الحديث لا توجد إلاّ عنده، والرواية الأخرى وهي الأصح من هذه الرواية لا يوجد بها هذه الرواية فهي زيادة منكرة.
2 - تفرد عبد العزيز بن الحصين بذكر الأسماء عن أيوب، وهي زيادة منكرة؛ فقد روى معمر عن أيوب هذا الحديث ولم يذكر الأسماء الحسنى (9)، ومعمر أوثق وأجل من عبد العزيز بن الحصين.
وروى العقيلي هذا الحديث في الضعفاء في ترجمة عبد العزيز بن الحصين، حيث ذكر له حديثين: أحدهما هذا الحديث، ثم قال: فلا يتابع عليهما جميعاً ... وكلا الحديثين الرواية فيهما من غير هذا الوجه مضطربة؛ فيها لين، وأما الرواية في تسعة وتسعين اسماً مجملة بأسانيد جياد عن أبي هريرة عن النبي {(10).
وقال ابن كثير: والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج (11). وكذا قال ابن حجر (12).
ثانياً: طريق مجاهد عن أبي هريرة: قال الحكيم الترمذي: حدثنا صالح بن أحمد بن أبي محمد، حدثنا يعلى بن هلال، عن ليث، عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ثم ماتوا عليها ... إلى أن قال:ثم يدخلون الجنة فيكتب في جباههم عتقاء الله من النار إلا رجلاً واحداً فإنه يمكث فيها بعدهم ألف سنة ثم ينادي يا حنان يا منان فيبعث الله إليه ملكاً ليخرجه ... إلى آخر الحديث (13).
وهذا السند فيه علل هي:
1 - صالح بن أحمد بن أبي محمد لم أجد له ترجمة.
2 - يعلى بن هلال لم أجد له ترجمة، ولعله معلى بن هلال، وهو مكثر عن الليث، وقد اتفق النقاد على تكذيبه (14)، فإذا لم يكن هو فهو مجهول.
3 - ليث بن أبي سليم، قال ابن حجر: صدوق، اختلط جداً، ولم يتميز حديثه فترك (15).
فواحدة من هذه العلل تكفي لرد الحديث فما بالك بهذه الثلاثة مجتمعة.
ثالثاً: حديث أنس الأول:
أخرج هذا الحديث الإمام أحمد فقال: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا سلام بن مسكين حدثنا أبو ظلال، عن أنس بن مالك، عن النبي قال: "إن عبداً في جهنم لينادي ألف سنة: يا حنان يا منان. قال: فيقول الله لجبريل: اذهب فأتني بعبدي هذا. فينطلق جبريل فيجد أهل النار منكبين يبكون، فيرجع إلى ربه فيخبره، فيقول: ائتني به، فإنه في مكان كذا وكذا، فيجيء به، فيوقفه على ربه فيقول له: يا عبدي، كيف وجدت مكانك ومقيلك؟ فيقول: أي رب، شر مكان، وشر مقيل. فيقول ردوا عبدي. فيقول: يا رب، ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تردني فيها. فيقول: دعوا عبدي" (16).
ورواه أبو يعلى في مسنده (17)، والبيهقي في شعب الإيمان (18)، وفي الأسماء والصفات (19)، والبغوي في شرح السنة (20)، وابن خزيمة في التوحيد (21)، وابن أبي الدنيا في حسن الظن بالله (22) كلهم من طريق سلام بن مسكين به نحوه.
¥