تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المسلمون في العالم في رمضان]

ـ[ابن مسعود]ــــــــ[12 - 09 - 08, 02:32 م]ـ

دردشة رمضانية من ألمانيا

رمضان بالأمس ورمضان اليوم .. ورمضان الأمل والتفاؤل بجيل المستقبل

http://www.midadulqalam.info/midad/modules.php?name=News&file=article&sid=556

حديقة جامعة بون .. "أول مصلى" لثلاثة أفراد! وقف ثلاثتهم، سوريّان وباكستاني، وسط حديقة جامعة بون، التي تعادل مساحتها ملعب كرة قدم، وكانوا طالبيْن في كلية الطب، والثالث من كلية الصيدلة، فرفع أحدهم الأذان بأعلى صوته، ووقف آخر خطيبا، وأدّوا فريضة الجمعة، مستندين إلى المذهب القائل إنّ نصاب الجماعة هو الاثنان من المسلمين فما فوق.

كان ذلك قبل زهاء 45 عاما، أي قبل عصر الفضائيات والشبكة والهاتف المحمول وحاسوب الجيب، ولم يكن الناس في ألمانيا يعرفون شيئا يُذكر عن الإسلام، إلاّ أنّه دين "الحريم وألف ليلة وليلة"، ودين "السيف والسلاطين"، ودين "مَن يعبدون محمّدا" فهم "محمديون"، فإن قيل هم مسلمون بدأ الاستفسار عمّا يعنيه ذلك، أمّا الصلاة قياما وركوعا وسجودا وقعودا، فكانت تبدو -في حديقة الجامعة- لمن تجمّع من الطلبة ومن عامّة المارّة، وكأنّها في نظرهم حركات مسرحية مضحكة، من عالم الفنّ التجريدي، يؤدّيها فنّانون حريصون على تجنّب الابتسام.

كيف يبتسمون وهم بين يدي الله تعالى، قد فتّشوا عن مكان تؤدّى فيه الصلاة فلم يجدوا، رغم أنّ بون كانت عاصمة ألمانيا الغربية آنذاك، وكان عدد المسلمين فيها وفي ضواحيها يربو على 14 ألفا، ولكنّ "الموضة" في تلك الفترة كانت تقضي بأن يكون المرء شيوعيا أو بعثيا أو قوميا علمانيا، وألاّ يخجل في تعاطي المسكرات ولا التردّد على الحانات والمراقص، أمّا "الصلاة" فما كانت من أولويات أحد إلا القليل، ممّن رحم ربك، كهؤلاء الشباب الثلاثة الذين كرّروا المشهد ذاته في الجمعة التالية، وتكرّر تجمّع "المتفرّجين" بين مذهول متعجب وضاحك مستهزئ، حتّى أتى المصلّين مسؤولٌ من أمانة سرّ الجامعة، يسألهم عمّا يفعلون، فشكوا له أولا ضيق الحال عن استئجار غرفة للصلاة فهم طلبة، وأشاروا إلى أنّ للمسيحيين في بلاد المسلمين كنائسهم، ولم يجدوا هم المسلمين مسجدا في بون، فأراد التخلّص منهم ومن "مسرحيتهم في الهواء الطلق" أمام الحرم الجامعي، فوضع تحت تصرّفهم قاعةً صغيرة في قبو المبنى الرئيسي للجامعة، مخصّصة في الأصل لكرة الطاولة، فكان عليهم أن يأتوا يوم الجمعة فيرفعوا الطاولة الخضراء جانبا، ويمدّوا سجاجيد الصلاة، فيؤدّوا الفريضة، ثمّ يسلّموا المفتاح للمسؤول بعد ساعة الظهيرة، وينصرفوا.

هكذا بدأت صلاة الجمعة في بون، عاصمة ألمانيا الغربية في حقبة الحرب الباردة! ..

قصة طالما رويتُها مختصرة ومفصّلة، ورويتُها مجدّدا هذه الأيام لبعض الشبيبة في بون، وقد عادت إلى الذاكرة مجّددا بعد صلاة الجمعة في أحد المصلّيات وسط المدينة، حيث قرّر المسؤولون منذ فترة، أن تؤدّى الجمعة على دفعتين، فقاعةُ الصلاة التي تتّسع لحوالي 800 شخص، لم تعد تكفي، وصلاة المسلمين في الشارع أمام المسجد أزعجت أهل الحيّ، ولا تسمح الإمكانات المادية بالانتقال، و"مصلّى المهاجرين" هذا الذي أنشأه المهاجرون من أفغانستان أثناء الحكم الشيوعي، هو واحد من بضعة عشر مصلّى في المدينة، يشكو معظمها مثله من ضيق المكان على المصلين، فقد غدوا ألوفا، ولم تعد نسبتهم دون الواحد من الألف من المسلمين في المنطقة! ..

يا سبحان الله .. كم يزعجني أن يقتصر نظر بعضنا على "اللحظة الآنية"، فألمس لديه روح التشاؤم في الحديث عن أوضاع الإسلام والمسلمين في هذه الديار الغربية ومستقبلهم.

في رمضان كان المصلّى يجمع بالكاد العشرة أو العشرين من الأكبر سنّا، على صلاة التراويح، واليوم لا يجد المسلم مكانا إذا تأخّر عن أذان العشاء قليلا، ولا نكاد نرى في الصفوف الأمامية سوى وجوه الشباب.

في رمضان كان الطلبة والعمال يجمعون أطعمتهم، لا سيّما ما كان يأتيهم من بلدانهم الأصلية، ليلتقوا ولو مرّة في الأسبوع على طعام إفطار مشترك، وفي هذه الأيام لا يخلو يوم من أيام رمضان من إفطار مشترك في أكثر من مصلى في وقت واحد، وغالبا ما يكون ذلك تبرّعا من القادرين، أو بمناسبة زواج إسلامي انعقد، أو عقيقة مولود مسلم جديد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير