فقول ابي سعيد رضي الله عنه «وكان طعامنا» له دلالة واضحة في حصر زكاة الفطر في قوت البلد، فمقتضى القياس ان يلحق بالشعير والزبيب والأقط والتمر ما كان قوتا كالقمح والارز لا النقد، قال ابن قدامة رحمه الله: «واقيسهما انه لا يجوز غير الخمسة، إلا ان يعدمها، فيعطي ما قام مقامها. وقال مالك رحمه الله يخرج من غالب قوت البلد، وقال الشافعي رحمه الله: اي قوت كان الاغلب على الرجل، أدى الرجل زكاة الفطر منه» المغني (4/ 292).
9 - ان اخراج زكاة الفطر صاعا من طعام من غالب قوت اهل البلد يجزيء في قول جميع العلماء، وان اخراجها نقدا يجزيء في قول نفر من الفقهاء كالحسن، وعمر بن عبدالعزيز، وابي حنيفة رحمهم الله، والمسلم يستبرأ لدينه.
قال ابو داود: قيل لأحمد وأنا اسمع: اعطي دراهم يعني في صدقة الفطر – قال: اخاف ان لا يجزئه خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابو طالب: قال لي احمد بن حنبل: لا يعطي قيمته، قيل له: قوم يقولون: عمر بن عبدالعزيز كان يأخذ بالقيمة، قال: يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون: قال فلان يسن ان يتجمل للعيد وان يلبس احسن الثياب لان عمر رضي الله عنه اخذ جبة من استبرق وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ابتغ هذه تجمل بها بالعيد والوفود، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم في التجمل بالعيد باحسن الثياب، وانما انكر نوع الثوب وهو كونه حريرا. رواه البخاري.
وهذا يوم يشرع فيه التوسعة على العيال واظهار الفرح والسرور خصوصا للنساء والصبيان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم اقام عائشة وراءه وجعل خدها على خده وجعلها تنظر لأهل الحبشة وهم يلعبون رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «اظهار السرور في الاعياد من شعار الدين». فتح الباري (2/ 57). والسنة ان يفطر يوم عيد الفطر قبل ان يذهب للمصلى فعن انس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا. متفق عليه. وكل هذا من المبادرة الى الفطر استجابة لأمر الله حيث حرم صوم يوم العيد اجماعا.
وتستحب التهنئة بالعيد بين المسلمين، ففي المحامليات عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال: «كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا التقوا يوم العيد يقوم بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك»، قال ابن حجر «اسناد حسن» الفتح (2/ 575).
ولا ينبغي للمسلم ان يشتغل يوم العيد بشيء غير التأهب للصلاة والخروج اليها لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان اول ما نبدأ به في يومنا هذا يوم عيد ان نصلى» رواه البخاري من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
ويسن التكبير من غروب الشمس ليلة العيد الى خروج الامام لخطبة العيد لقوله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم».
وقالت ام عطية رضي الله عنها: «كنا نؤمر ان نخرج يوم العيد، حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيض فيكن خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته». رواه البخاري
ووقت صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح وذهاب وقت الكراهية وصلاة العيد ليس لها سنة قبلها ولا بعدها فعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها رواه البخاري وصلاة العيد تصلى جماعة بلا اذان ولا اقامة ولا قول «الصلاة جامعة» تصلى الصلاة ركعتين ثم يخطب الامام خطبتي العيد، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم فطر، فصلى ثم خطب ثم اتى النساء فوعظهن وذكرهن، وامرهن بالصدقة. رواه البخاري. وهناك تكبيرات زوائد في ركعتي صلاة العيد سوى تكبيرة الاحرام وتكبيرة النهوض والركوع، فيكبر سبعا في الاولى سوى تكبيرة الافتتاح والركوع، وخمسافي الثانية سوى تكبيرة النهوض وتكبيرة الركوع، قال ابن ابي العز الحنفي رحمه الله: وهذا هو مذهب فقهاء المدينة السبعة، وعمر بن عبدالعزيز، ومالك، وأحمد، ويحيى الانصاري، والزهري، واسحاق، والاوزاعي، والليث، وهو مروي عن ابي هريرة وابن عباس وابي سعيد الخدري وابن عمر رضي الله عنهم حكاه عنهم ابن المنذر في الاشراف، وابن قدامة في المغني، يزيد احدهما على الاخر، الا ان مالكا واحمد قالا: سبعا في الاولى بتكبيرة الاحرام. التنبيه على مشكلات الهداية «2/ 760».
والعمدة في ذلك حديث كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيد في الاولى سبعا قبل القراءة، وفي الاخرة خمسا قبل القراءة، رواه الترمذي، وقال البخاري «ليس في هذا الباب شيء اصح من هذا، وبه اقول».
ويسن ان يذهب لصلاة العيد من طريق ويرجع من طريق اخر، وذلك لاظهار شعائر الاسلام، وليشهد له الطريقان، وليتصدق على من فيهما ولغيره من المعاني، فعن جابر رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عيد خالف الطريق» رواه البخاري
ويسن الاغتسال لصلاة العيد، قال ابن القيم رحمه الله «صح الحديث فيه» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في صلاة العيد قائما على الارض، ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه «زاد المعاد «1/ 445».
¥