الجواب: أما من حيث تعدد الزوجات، فهل الأفضل التعدد، أو الأفضل الإفراد؟ في هذا للعلماء قولان مشهوران: القول الأول: أن الأفضل أن يقتصر على واحدة. وهذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد رحمه الله عند أصحابه المتأخرين، قالوا: يسن أن يتزوج نكاح واحدة، وعللوا ذلك: بأنه أبعد عن الجور، وأجمع للقلب، وأبعد عن التشويش.
ثانيا: مذهب الشافعية والحنفية والمالكية:
وهو جواز التعدد وإليك أقوالهم في ذلك:
1 - جاء في كتاب المجموع شرح المهذب - (16/ 129):" ... دليلنا أن الله تعالى حين أمر به علقه على الاستطابه بقوله (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) والواجب لا يقف على الاستطابة، وقال. مثنى وثلاث ورباع.
ولا يجب ذلك بحال بالاتفاق.
.......
وأيضا جاء في موضع آخر من المجموع شرح المهذب - (16/ 131):" ... النكاح مستحب غير واجب عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور من مذهبه وأكثر أهل العلم وقال داود بن على الظاهرى: هو واجب على الرجل والمرأة مرة في العمر دليلنا كما قلنا قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء فعلقه بالاستطابة وما كان واجبا لا يتعلق بالاستطابة.
......
وأيضا جاء في موضع آخر من المجموع شرح المهذب - (16/ 137)
ويجوز للحر أن يجمع بين أربع زوجات حرائر، ولا يجوز له أن يجمع بين أكثر من أربع لقوله: مثنى وثلاث ورباع، قال الصيمري من أصحابنا إلا أن المستحب أن لا يزيد على واحدة لاسيما في زماننا هذا أي في زمان الصيمري.
2 - وقال في المهذب - (2/ 33)
كتاب النكاح النكاح جائز لقوله تعالى {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ....
3 - و في كتاب الإقناع للشربيني -الشافعي – [الناشر دار الفكر / سنة النشر 1415] (2/ 401):" (ويجوز للحر أن يجمع) في نكاح (بين أربع حرائر) فقط لقوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * لقوله صلّى الله عليه وسلّم لغيلان وقد أسلم وتحته عشر نسوة: " أمسك أربعا وفارق سائرهن "، وإذا امتنع في الدوام ففي الابتداء أولى.
فائدة: ذكر ابن عبد السلام أنه كان في شريعة موسى عليه السلام الجواز من غير حصر تغليبا لمصلحة الرجال، وفي شريعة عيسى عليه السلام لا يجوز غير واحدة تغليبا لمصلحة النساء، وراعت شريعة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى سائر الانبياء والمرسلين مصلحة النوعين.
قال ابن النقيب: والحكمة في تخصيص الحر بالاربع أن المقصود من النكاح الالفة والمؤانسة، وذلك يفوت مع الزيادة على الاربع، ولانه بالقسم يغيب عن كل واحدة منهن ثلاث ليال وهي مدة قريبة اهـ.
وقد تتعين الواحدة للحر وذلك في كل نكاح توقف على الحاجة كالسفيه والمجنون.
4 - وجاء في شرح ميارة المالكي - (1/ 394):" ووجه المشهور في إباحة الأربع للعبد عموم قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وقاس ابن وهب ذلك على طلاقه ويحتمل أن يكون منشأ الخلاف اختلاف الأصوليين في دخول العبيد تحت الخطاب وعدم دخولهم". ا هـ.
5 - وجاء في كفاية الطالب – مالكي -[دار الفكر /سنة النشر 1412]- (2/ 82):" (ويجوز للحر والعبد) المسلمين (نكاح أربع حرائر مسلمات أو كتابيات) اتفاقا في حق الحر وعلى المشهور في حق العبد لأنه مندرج في عموم قوله تعالى {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}.
6 - وجاء في بدائع الصنائع – الحنفي -[دار الكتاب العربي]- (2/ 265):" أما الجمع في النكاح فنقول لا يجوز للحر أن يتزوج أكثر من أربع زوجات من الحرائر والإماء عند عامة العلماء.
7 - وجاء في فتح القدير – الحنفي - (6/ 416):" (وَلِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا مِنْ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}.
8 - وجاء في العناية شرح الهداية – الحنفي - (4/ 378):"وَلَنَا أَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ فَيَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ وَالْحُرُّ أَرْبَعًا إظْهَارًا لِشَرَفِ الْحُرِّيَّةِ.
9 - وجاء في المحلى لابن حزم الظاهري - (9/ 441):" ولا يحل لأحد أن يتزوج أكثر من أربعة نسوة إماء أو حرائر، أو بعضهن حرائر وبعضهن إماء. ويتسرى العبد والحر ما أمكنهما، الحر والعبد في ذلك سواء، بضرورة وبغير ضرورة. والصبر، عن تزوج الأمة للحر أفضل. برهان ذلك: قول الله عز وجل: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}.
وفي النهاية أقول ما قاله شيخنا صالح الفوزان حفظه الله تعالى- نقلا من كتاب شيخنا أبي طارق إحسان العتيبي حفظه الله - في فتاوى المرأة المسلمة وهو: أنه لم ير في كلام المفسرين الذين اطلع عليهم شيئا من ذلك _ وهو كما قال حفظه الله تعالى – والآية الكريمة تدل على أن الذي عنده الاستعداد للقيام بحقوق النساء على التمام فله أن يعدد الزوجات إلى أربع – قلت:ولا يزيد -، والذي ليس عنده الاستعداد يقتصر على واحدة أو على ملك اليمين. (2/ 690). ا هـ
والله أعلم.
جمعه: علي بن سلطان الجلابنة
أبو أنس
1430 هـ
¥