تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الدعوة الى الله في الحج للشيخ فيصل البعداني]

ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[05 - 11 - 09, 07:10 م]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وإمام المرسلين،

نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن الدعوة إلى الله تعالى في موسم الحج سنة نبوية منذ فجر الإسلام؛ إذ كان

النبي صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على الناس في مواسم الحج، كما أرسل

العديد من أصحابه - رضي الله عنهم - لذلك. وفي حجة الوداع نصح الأمة غاية

النصح وبلغ البلاغ المبين، وقد استمر علماء الإسلام ودعاته الصادقون على مر

العصور في استغلال هذا الموسم العظيم دعويًا مستفيدين منه في إيقاظ القلوب

وإنارة البصائر وعرض الإسلام النقي والتحذير من مخاطر الشرك وشوائب البدع

والمنكرات.

وفي عصرنا نرى في الحج جهودًا دعوية مباركة، وأعمالاً مشكورة يقوم بها

العديد من الجهات والأفراد؛ ولكنها مع كثرتها لا تزال غير كافية وتحتاج إلى مزيد

لأسباب عديدة أهمها:

1 - توارد الأعداد الضخمة من الحجيج والتي تتزايد موسمًا بعد آخر، وهو

مما يهيئ لإحداث نقلة دعوية نوعية في العالم الإسلامي متى استغل ذلك.

2 - تفشي الأمية الشرعية وعموم الجهل بعقائد الإسلام وأحكامه، وانتشار

الشركيات والبدع والخرافات بشكل مذهل في أوساط كثير من الحجاج.

3 - نوعية الحجيج؛ إذ كثير ممن يأتي للحج من البلدان المتفرقة هم من

ذوي العواطف الدينية الجياشة الذين توفَّرَ لديهم نوع من اليسار النسبي والوجاهة في

أوساط أقوامهم، مما يرجى أن يكون لدعوتهم أثر على أقوامهم بعد عودتهم.

4 - استعداد الحجيج وتهيؤهم للاستماع والتلقي.

5 - نظرة كثير من المسلمين لأبناء الحرمين نظرة تقدير وإجلال، وتقليدهم

لهم فيما يرونهم يفعلونه ويدعون إليه، وهذا مما يضاعف المسؤولية ويزيد العبء

على عاتق الدعاة والمخلصين في بلاد الحرمين.

كل ذلك يحتم إعطاء الدعوة والإرشاد في موسم الحج أولوية تفوق أولوية

الاهتمام بشؤون تغذية الحجيج وإسكانهم وتوفير النقل لهم، كما يحتم تكثيف البرامج

الدعوية ومراجعة القائم منها ومحاولة إدخال التجديد عليها بما يتلاءم وأهمية الدعوة

في هذا المقام المبارك.

ورغم توفر العديد من الأمور المشجعة على الدعوة في أوساط الحجيج

كخصوصية المكان وإقبال الناس على الخير وتهيئهم لسماع كلام الله والعمل به إلا

أنه يكتنفها العديد من العوائق التي يجب التنبه لها وتلافيها، ومن أبرزها:

أ - جهود أهل البدع والخرافات في تحصين أتباعهم من التأثر بدعوة الحق

وتحذيرهم إياهم من الأخذ عن علماء أهل السنة.

ب - المشقة البدنية الناتجة عن السفر، والجهد المبذول في أداء المناسك،

مما يقلل من الفرص الملائمة للدعاة للالتقاء بالحجاج ما لم يكونوا مخالطين لهم

وعائشين في أوساطهم.

ج - خشونة بعض الدعاة وعدم تلطفهم مع المدعوين وقلة صبرهم عليهم،

مما يجعل الكثير من الحجيج يتهيبون من سؤالهم والأخذ عنهم، بل قد توجد لدى

كثير منهم ردود فعل تمنعهم من قبول توجيههم والاستماع إلى نصحهم وإرشادهم.

د - كثرة الكتيبات والمطويات والأشرطة التي في متناول الحجيج بما لا يتفق

مع منهج أهل السنة والجماعة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا النسك

العظيم.

وقبل أن أبدأ باقتراح بعض الوسائل الدعوية في الحج والتي يمكن للجهات أو

الأفراد تطبيق بعضها كلٌ حسب ما يناسبه ويتلاءم مع وضعه أُحِبُّ أن أذكِّر إخواني

العاملين في حقل الدعوة في الحج بالأمور الآتية:

* أهمية قيام الدعاة بمراجعة أحوالهم ومحاسبة أنفسهم من ناحية إخلاصهم في

دعوتهم لله تعالى ومتابعتهم فيها للرسول صلى الله عليه وسلم.

* أهمية حرص الداعية على فقه أحكام المناسك والتحلي بالأخلاق الفاضلة

من صبر وهدوء وحسن معاشرة ليكون داعية بسلوكه وأخلاقه قبل أن يكون داعية

بلسانه.

* أهمية إدراك العلماء والدعاة - جهات وأفراداً - عظم المسؤولية الملقاة على

عواتقهم والأمانة المنوطة بهم تجاه الحجيج وضرورة جدهم في استغلال هذا الموسم

العظيم ومثابرتهم في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة والدعوة إليها، وكشف عوار

الباطل والتحذير منه.

* أهمية ترتيب أولويات الدعوة في أوساط الحجيج والبدء بالأهم قبل المهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير