[الرطانة لابراهيم بن عبدالله بن عبدالرحمن المديهش]
ـ[سمير بن لوصيف]ــــــــ[15 - 08 - 10, 04:25 ص]ـ
(الرَّطانة)
لقد نبتت في المسلمين نابتة ذليلة مستعبدة، هُجَّيْراها وديدنها: التشبه بالكفار في كثير من الأمور، مع الاستخذاء والاستعباد لهم.
وتصديق ذلك في الحديث: (لتتبعن سَنَن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)
وتتمثل هذه التبعية الماسخة، في جوانب شتى، يطول تعدادها، وما يعنى هنا هو (الرطانة) (1): الكلام بالأعجمية.
لقد كان حقاً على المسلمين – مهما كانت أصولهم وأجناسهم – أن يبوؤا لغةَ القرآن مبوأَ صدق؛ (لأن تفهمها من الديانة) (2)، إذ هي أداة العلم،ومفتاح التفقه في الدين، (وشعار الإسلام وأهله) (3)، فهي خير اللغات والألسنة (4)، (و أوسعها مذهباً وأكثرها ألفاظاً) (5).
إن المتحدث بلغة الأعاجم – من غير حاجة – يُظهر من نفسه الفخر والعجب، حتى إنه ليورد في ثنايا حديثه كلمات يتراطن بها ليُظهر معرفته وتميزه،
وقد شاع بين الناس كثير من كلمات الرطانة، وهي سلسلة طويل ذرعها
منها:/
أوكي= تأكيد
تليفون= هاتف
موبايل = محمول
برنت= قائمه
بوردنق باص= بطاقة صعود الطائرة
كمبيوتر (6) = حاسوب
لابتوب = حاسوب محمول
سيدي = قرص للكتابه
باجورة= ظلة المصباح (7)
برواز= إطار
حرف تي، دايركت، يوتيرن، ... إلخ (8).
هذا، وقد عُدَّت الرطانة من نقصان المروءة (9)؛ لما أخرج ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) 5/ 300 ط. دار الكتب العلمية، ومالك في المدونة 1/ 62، عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال:" ما تكلم الرجل بالفارسية إلا خَبّ (صار خداعاً)، ولا خَبّ إلا نقصت مروءته".
وقد أورد الأثر شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الاقتضاء)) 1/ 465
وجاء في ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة 1/ 412 – 413، و ((نثر الدر)) للآبي ص132: قول الأصمعي: (ثلاثة تحكم لهم بالمروءة حتى يُعرفوا: رجل رأيته راكباً،أو سمعته يُعرب، أو شممت منه رائحة طيبة؛ وثلاثة تحكم عليهم بالدناءة حتى يعرفوا: رجل شممت منه رائحة نبيذ في محفل، أو سمعته يتكلم في مصر عربي بالفارسية، أو رأيته على ظهر الطريق ينازع القدر).
وإليك شذارتٌ مُذْهِبة، وثمرات يانعة، من يراع الإمام الرباني شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني – رحمه الله – (728هـ) في عرض وتحرير بياني، عن الرطانة وحكمها، ساقه في كتابه الفريد – الذي لم يسبق إليه – وهو: ((اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم))، 1/ 461 – 470، ومما قال – رحمه الله – بعدما أورد كلام الإمام أحمد – رحمه الله – في أسماء الشهور بالفارسية:
(فما قاله الإمام أحمد من كراهية هذه الأسماء، له وجهان:
أحدهما: إذا لم يعرف معنى الاسم جاز أن يكون معنى محرم، فلا ينطق المسلم بما لا يعرف معناه ...
الثاني: كراهيته أن يتعود الرجل النطق بغير العربية؛ فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعار الأمم التي بها يتميزون ... ).
وقال – رحمه الله – 1/ 463: (وأما الخطاب بها من غير حاجة في أسماء الناس والشهور، كالتواريخ ونحو ذلك فهو منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب، وأما مع العلم به فكلام أحمد بَيِّن في كراهيته أيضاً؛ فإنه يكره: آذرماه (10)، ونحوه، ومعناه ليس محرماً ... ).
وقال: (فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمى بغيرها، وأن يتكلم بها، خالطاً لها بالأعجمية، وهذا الذي قاله الأئمة، مأثور عن الصحابة والتابعين ... ).
وقال: (ونَقَل عن طائفة منهم أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية ...
وفي الجملة، فالكلمة بعد الكلمة من العجمية، أمرها قريب، وأكثر ما يفعلون ذلك، إما لكون المخاطب أعجمياً، أو قاد اعتاد العجمية؛ يريدون تقريب الأفهام عليه (11)، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص – وكانت صغيرة وقد ولدت بأرض الحبشة لما هاجر أبوها – فكساها النبي صلى الله عليه وسلم خميصة، وقال: (يا أم خالد! هذا سنا) والسنا بلغة الحبشة: الحسن. (البخاري 5845وانظر الفتح 6/ 183ـ185)
وروي عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال لمن أوجعه بطنه: (أشكم بدرد)، وبعضهم يرويه مرفوعاً، ولا يصح.
¥