[طالب العلم في حاجة إلى مال قارون + عمر نوح + صبر أيوب]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[12 - 08 - 08, 08:42 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
[طالب العلم في حاجة إلى مال قارون + عمر نوح + صبر أيوب]
د, زيد بن محمد الرماني *
لقد جعل الله سبحانه المال سبباً لحفظ البدن وحفظه سبباً لحفظ النفس، وهو سبب عمارة الدنيا والآخرة وبالمال قوام العبادات والطاعات، وبه قام سوق الحج والجهاد، وبه حصل الانفاق الواجب والمستحب، وبه يتوصل إلى النكاح، وبه حصلت قربات العتق والوقف وبناء المساجد.
وللأسف، فقد انتشر فهم خاطئ عند بعض الناس مفاده أن الاشتغال بطلب المعاش والعمل في صنعة أو مهنة أو حرفة يمنع الوصول إلى مراتب العلماء، وأن العالم لا يبلغ هذه المنزلة إلا بالتفرغ الكامل، والبعد عن طلب المعاش والاحتراف، وأن الجمع بين العلم والحرفة صعب المنال.
بيد أنه لابد أن نعلم أن الحاجة إلى المال في زماننا أصبح أمراً مهماً لا يستغي عنه أي طالب علم.
فطالب العلم يحتاج إلى مال قارون وعمر نوح وصبر أيوب، مال قارون لشراء الكتب والذهاب إلى مجالس العلماء البعيدة والاستغناء عن المسألة وسؤال الناس، ويحتاج إلى عمر نوح لقراءة تلك الكتب، وكذا يحتاج إلى صبر أيوب، إذ قراءة الكتب ومجالس العلماء تحتاج إلى صبر وجهاد صبر على طلب العلم ومجاهدة النفس في الهوى والشيطان.
ولا عجب، فقد كان الأنبياء عليهم السلام أصحاب حرف ومهن، فهذا نوح عليه السلام كان يعمل في النجارة وصناعة السفن, واصنع الفلك بأعيننا ووحينا هود/37، وموسى عليه السلام كان يعمل أجيراً قالت إحداهما يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين,, القصص/27.
وداود عليه السلام عمل في الحدادة وصناعة الحديد وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم,, الأنبياء /8.
وكان عليه السلام يأكل من عمل يده، فيقول رسولنا صلى الله عليه وسلم كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده رواه البخاري.
وعمل زكريا عليه السلام في النجارة والخشب يقول عليه الصلاة والسلام كان زكريا عليه السلام نجاراً رواه مسلم.
وفي المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان داود زراداً، وكان آدم حراثا، وكان نوح نجاراً، وكان ادريس خياطاً وكان موسى راعياً عليهم السلام.
وقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رعي الغنم فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم فقال له أصحابه: وأنت يا رسول الله , قال: وأنا رعيتها لأهل مكة بالقراريط.
ومارس رسولنا عليه السلام التجارة مضاربة بأموال خديجة بنت خويلد قبل البعثة.
ثم إن الصحابة الكرام من المهاجرين والأنصار كانوا يعملون في أمر معاشهم وكانوا أصحاب مهن وحرف.
وقد احترف كثير من الصحابة رضوان الله عليهم التجارة براً وبحراً، وكان منهم اللحام والجزار والبزاز والحداد، والخياط والنساج والنجار والحجام.
فلم يكن صحابة رسول الله بطالين، بل كانوا يسعون في طلب المعاش والتكسب فيه، وعملوا في المهن والحرف على اختلاف أنواعها وأشكالها.
وعلى هذا النهج، سار جمع غفير من علمائنا وفقهائنا وأدبائنا من سلف هذه الأمة إذ كانوا أصحاب حرف ومهن، وكانوا مع علمهم وزهدهم وتقواهم يسعون في هذه الدنيا سعيا وراء عيشهم ورزقهم وقوت عيالهم.
انطلاقاً من قوله تعالى:وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا,,, وقوله عز وجل:هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه,,.
وقد حاول الأستاذ عبدالباسط بن يوسف الغريب في كتابه اللطيف / الطرفة فيمن نسب من العلماء إلى مهنة أوحرفة
حاول استقراء المهن والحرف ومن نسب إليها، وقد بذل جهداً طيباً وحصراً بديعاً.
فأورد ضمن ما أورد من مهن العلماء وحرفهم:
الخشاب، والحداد، والصواف، والبقال، والبصال، والقفال، والجمال، والبناء,.
بل لقد أورد قرابة أربعمائة حرفة ومهنة، وقرابة ألف وخمسمائة عالم وأديب، وفقيه، إنه بحق مرجع مهم وسفر رائع.
وفيما يلي نستعرض بعضاً من المهن والحرف ومن نسب إليها، على النحو التالي:
¥